نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 283
وبناء على هذا؛
فكل القرآن الكريم ـ عند المتدبر له ـ حي ليس فيه أي حرف أو كلمة أو جملة معطلة.. فلا
حروف زائدة، ولا مكرر.. بل حتى ما ورد في شأن النبي a له أهله من
الورثة، كما أشار إلى ذلك قوله a:
(رحمة الله على خلفائي)، قالوا: من خلفاؤك يا رسول الله؟ قال: (الذين يحيون سنتي
ويعلمونها عباد الله)([567])
وبهذا المعنى للتدبر يتحقق ما ورد في النصوص المقدسة من كون القرآن الكريم
الكتاب المبين لكل شيء، كما قال تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ
تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾
[النحل: 89]
ذلك أن التدبر
يجعل المعاني القرآنية غير محصورة في وجه واحد، بحيث يصح فهم واحد منها دون ما
عداه، أو يصبح ما عداه معارضا لما قبله، بل القرآن الكريم حمال وجوه، وهو بذلك لا
تتعارض فيه المعاني، كما نص على ذلك قوله a: (إن للقرآن
ظاهرا وباطنا وحدا ومطلعا)([568])، وقال: (القرآن
لا تنقضي عجائبه)([569])
ولذلك، فإن
المتدبر فيه يرى في كل حين من عجائبه ما لم يكن يراه من قبل، ولهذا يستفيد في كل
حل أو ترحال فوائد جديدة لم تكن تخطر على بال، وقد عبر عن ذلك بعض الصالحين، فقال:
(ثلان أحبهن لي ولإخواني، وذكر منها أن هذا القرآن يتدبره الرجل ويتفكر فيه، فيوشك
أن يقع على علم لم يكن يعلمه)
واحذر ـ أيها المريد الصادق ـ بعد هذا من
أولئك الذين يوهمونك في انحصار المعاني القرآنية فيما وردت به كتب التفسير، أو فيما ذكره
السلف أو الخلف.. فإن ذلك يدعو
[567] (تخريج أحاديث الإحياء (1/ 16): رواه
ابن عبد البر في العلم والهروي في ذم الكلام.
[568]تخريج أحاديث الإحياء (ج 1 / ص 232):
(أخرجه ابن حبان في صحيحه)