نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 22
وكل
هذه النصوص المقدسة وغيرها تشير إلى كون الصبر دعامة أساسية للتقوى، وأن التحقق به
يجعل من صاحبه مستعدا لنيل كل الكمالات، ولذلك ذكر الله تعالى أن الأجور المعدة
للذين أدمنوا على الصبر، وأتقنوا التعامل معه، من دون حساب، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا
يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]
قد
تسألني ـ أيها المريد الصادق ـ بعد هذا عن سر كل هذا الفضل الذي توفر للصبر، وجعله
دعامة من دعامات التربية والإصلاح، وجوابا على ذلك أذكر لك أن الصبر هو تلك الملكة
الشريفة التي تجعل النفس ثابتة أمام الأهواء؛ فلا تستسلم لها، ولا تذعن لمقتضياتها.. وتجعلها
ثابتة أمام المصائب والبلاء؛ فلا تجزع ولا تيأس ولا تقنط.. وتجعلها ثابتة عند
التعرض للجهلة؛ فلا تكتفي بكظم غيظها عنهم، وإنما تحلم عليهم، وتعفو عنهم
وتحسن إليهم.. وتجعلها ثابتة عند ملاقاة الأعداء، فلا تجبن، ولا يصيبها الخور، ولا
تولي الدبر، بل تواجههم بكل شجاعة وقوة وثبات.. وتجعلها ثابتة عند عروض الشهوات؛
فتعف عنها، ولا تستسلم لها، ولا تركن إليها..
وهكذا
يمكنك ـ أيها المريد الصادق ـ أن تجد الصبر عنصرا أساسيا في كل عمل صالح، وافتقاده
يؤدي إلى كل المثالب التي حذرتنا منها النصوص المقدسة، والتي تحطم الإنسان، وتنتكس
به وبطبيعته.
ولهذا
عرف الحكماء الصبر بأنه (ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الهوى)، وهم يقصدون بباعث
الدين الفطرة الأصيلة التي تريد الأهواء الانحراف بها، والتي جاءت الشريعة الحكيمة
للتحذير منها، وبيان الصفات الحقيقية للإنسان، لا الصفات التي يريدها الشيطان
والأهواء.
وأما
باعث الهوى؛ فهو كل المصادر التي تريد أن تنتكس بالإنسان عن حقيقته، سواء
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 22