responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 186

كنت تتركه؟ قال: نعم قال: (فلا تفرح بملك لا يساوى شربة ماء)

ولذلك يعلمنا ربنا أن نعدد نعمه علينا، لنشعر بفقرنا وفاقتنا إليه، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ الله لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ (ابراهيم: 34)، وفي الحديث القدسي قال تعالى: (يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم) ([331])

وهو يبين أن سبب الغفلة عن تلك النعم هو الشعور بكونها ذاتية لنا، لا هبة من الله إلينا؛ فيقول: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ [النحل: 53، 54]

لذلك كان الافتقار هو الشعور المعبر عن الحقيقة الواقعية.. والمفتقر مثل ذلك الذي ينام على سرير المرض، وقد ركبت له كل الأجهزة التي تمده بالحياة، ولو قطع عنه واحد منها لمات.. فهل يمكن لذلك المريض أن يستعلي أو يتصور أن بإمكانه الاستغناء عن تلك الأجهزة، أم أنه يشعر أنها سبب حياته وبقائه، ويشعر بفضل الأطباء عليه بسبب إغاثتهم له بها.

ولذلك كان الافتقار مدرسة تربوية وأخلاقية عظيمة، لا تربطك بالله فقط، وإنما تحسن علاقتك مع خلقه، وتجعلك أكثر أدبا معهم، ذلك أن أصل العدوان الذي يمارسه المعتدون نابع من شعورهم الزائد بذواتهم، واستكبارهم بها، ولو علموا فاقتهم وحاجتهم، وأن كل شيء يملكونه هبة من الله لهم، لاستحيوا من أنفسهم، وتأدبوا مع الخلق.

وحتى تيسر على نفسك ـ أيها المريد الصادق ـ استشعار هذه المعاني، والتأدب بآدابها؛ فعليك بالقرآن الكريم، فقراءته وتدبره تجعلك تشعر بفقرك وحاجتك إلى الله، وفي كل


[331] رواه مسلم.

نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست