نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 184
بين خلقه، فمن تواضع دون قدره رفعه الله
فوق قدره، ومن أراد أن يمده الله بالقدرة الخارقة للعوائد فليتحقق بعجزه، ويتبرأ
من حوله وقوته، ومن أراد أن يمده الله بالقوة على طاعة مولاه ومجاهدة نفسه وهواه
فليتحقق بضعفه، ويسند أمره إلى سيده، فبقدر ما تعطي تأخذ، وبقدر ما تتخلق تتحقق،
وبقدر ما تتحقق بوصفك يمدك بوصفه) ([329])
وقد
قال الشاعر معبرا عن ذلك:
تحقق بوصف الفقر في كل لحظة
***
***
فما أسرع الغنى إذا صحح الفقر
وإن تردن بسط المواهب عاجلا
***
***
ففي فاقة ريح المواهب ينشر
وإن تردن عزّا منيعا مؤيدا
***
***
ففي الذل يخفى العز بل ثم يظهر
وإن تردن رفعا لقدرك عاليا
***
***
ففي وضعك النفس الدنية يحضر
زإن تردن العرفان فافن عن الورى
***
***
وعن كل مطلوب سوى الحقّ تظفر
ترى الحق في الأشياء حين تلطّفت
***
***
ففي كل موجود حبيبي ظاهر
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الافتقار والاضطرار، وإن كانا
يشتركان في الحاجة والضعف والقصور، إلا أنهما يختلفان في المدى الذي يكون فيه ذلك.
أما
الفقر؛ فهو يعني الحاجة، ولو كانت محدودة ضعيفة قاصرة، كالحاجة إلى الكمالات التي
لا يضر غيابها، وأما الاضطرار؛ فمقصور على الحاجات الضرورية التي يؤدي افتقادها
إلى ضرر كبير.
وإلى
المعنيين الإشارة بما حصل لموسى عليه السلام عند ذهابه المدين، وافتقاره للطعام،
وعند فراره من فرعون، وملاقاته للبحر، وقد لجأ في كلا الحالين إلى الله، فقال في
حال افتقاره: ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾
[القصص: 24]، وقال في حال