ربما يكون أحسن وصف للعلاقة
التي كانت تربط الإمام الحسين بالقرآن الكريم هو ذلك الوصف الذي وصف به رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم) العلاقة بين أئمة أهل البيت والقرآن الكريم،
والتي عبر عنها في حديث الثقلين بقوله: (إنِّي تاركٌ فيكم ما إن تمسَّكتُم به لن
تضلُّوا بعدي ـ أحدُهما أعظمُ من الآخَر:كتاب الله، حبْلٌ ممدودٌ من السَّماء إلى
الأرض، وعِترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقَا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ، فانظروا كيف
تَخلُفوني فيهما)[2]
وهو تعبير في منتهى البلاغة يدل
على أن الإمام الحسين ـ وهو باتفاق الأمة جميعا من أوائل الذين ينطبق عليهم الحديث
ـ مجتمع مع القرآن الكريم، ومتحد به، بحيث لا ينفك عنه؛ فسلوكه سلوك قرآني،
وأخلاقه أخلاق قرآنية، ومعارفه مستمدة من بحار القرآن الكريم التي لا تنفذ، وهكذا
ينطق كل شيء فيه بالقرآن الكريم؛ حتى استحق ذلك التعبير الذي وصف به جميع أئمة أهل
البيت ، بكونهم قرآنا ناطقا، أو قرآنيا عمليا واقعيا يراه الناس بأعينهم.
وقد
عبر الإمام السجاد عن هذا المعنى، وفسر به معنى عصمة الإمام؛ فقال: (الإمام منّا
لا يكون إلّا معصوما، وليست العصمة في ظاهر الخلقة فيعرف بها، فلذلك لا يكون إلّا
منصوصا)، فقيل له: يا ابن رسول الله، فما معنى المعصوم؟ فقال: (هو المعتصم بحبل
الله،
[2] رواه أحمد (11119) و(11147)، وأبو يَعلَى
(1027)، والآجُريُّ في (الشريعة) (1702)، والطبراني في (المعجم الكبير) (3/66)
(2679)، أخرجه الترمذي (3788)، وقال: (حسن غريب)والفَسَوي في (المعرفة والتاريخ)
(1/536)، والشَّجري في (ترتيب الأمالي) (738)، وغيرهم كثير.
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 113