والمؤسسات
الاعلامية الحكومية أو مراكز النشر، والمستشرقين الذي هم في خدمة الدول
الاستعمارية، فهؤلاء جميعاً تكاتفوا في ذلك بنحو صار فيه الكثير من الناس
والمثقفين في حالة من الضياع والانحراف عن الصواب تجاه الإسلام)[1]
وهو
يتعجب من الذين يريدون من الفقهاء اعتزال السياسة وتركها باعتبارها من الدنيا؛
فيقول: (لقد غرسوا في أذهانكم من البداية أنّ السياسة تعني الكذب وما شابه ذلك من
المعاني، لكي يبعدوكم عن أمور البلاد، بينما يتصرفون هم كما يريدون. وأنتم عليكم
بالدعاء أيضاً، عليكم بالجلوس هنا والدعاء بـ (خلد الله ملكه) بينما هم يفعلون ما يحلو لهم، ويرتكبون
القبائح التي يريدون. بالطبع فهم لا يمتلكون هذه الدرجة من الفهم ـ وللّه الحمد ـ
لكن أساتذتهم وخبراءهم هم الذين وضعوا هذه الخطط. وضعها الاستعمار الانكليزي الذي
دخل بلاد الشرق منذ ثلاثة قرون، وتعرّف إلى جميع أمور هذه البلاد)[2]
ويذكر
عن نفسه بعد خروجه من السجن، وكيف راحوا يستعملون الوسائل المختلفة لإقناعه
بالابتعاد عن السياسة، والاكتفاء بالتدريس والمرجعية العلمية؛ فقال: (كتبوا في الجرائد بتاريخ 4/8/1963م حين
أخرجوني من السجن ما يُفهم منه أن علماء الدين لن يتدخلوا في السياسة. وأنا الآن
أُبيّن لكم حقيقة الأمر. لقد جاءني أحدهم ولا أريد ذكر اسمه، وقال لي: أيّها السيد
إن السياسة كذب وخداع وغش ونفاق، والخلاصة أنها بلاء ولعنة فدعوا ذلك لنا نحن.
وبما أن الظرف لم يسمح فلم أشأ مناقشته، فقلت له: نحن منذ البداية لم نتدخل في هذه
السياسة التي تتكلم عنها. والآن حيث أن الظرف يستلزم ذلك، فإني أقول: إنّ هذا ليس
من الإسلام في شيء. والله إن الإسلام كله سياسة. لقد بيّنوا الإسلام بشكل غير
سليم. إنّ سياسة المدن تنبع من الإسلام. إنني لست من أولئك الملالي (رجال الدين)
الذين