ومن
الأمثلة على ذلك ما قاله الخميني في رسالته لابنه، فقد قال له: (بني: لا الإعتزال
الصوفي دليل الإرتباط بالحق، ولا الدخول في المجتمع وتشكيل الحكومة شاهد الإنفصال
عن الحق، الميزان في الأعمال هو دوافعها، فكثيراً ما يكون العابد والزاهد مبتلىً
بشَرَك إبليس وهو يوسع ذلك الشَّرَك بما يناسبه من الأنانية والغرور والعجب والتكبر
وتحقير خلق الله والشرك الخفي وأمثال ذلك مما يبعده عن الحق ويؤدي به إلى
الشِّرك.. وكثيراً ما يكون المتصدي لشؤون الحكومة ذا دافعٍ إلهي فيحظى بمعدن قرب
الحق كداود النبي وسليمان النبي عليهما السلام. وأعلى منهما وأسمى كالنبي الأكرم a وخليفته بالحق على بن أبي طالب، وكحضرة
المهدي أرواحنا لمقدمه الفداء في عصر حكومته العالمية.. إذاً، ميزان العرفان
والحرمان هو الدافع، كلما كانت الدوافع أقرب إلى نور الفطرة. وأكثر تحرراً من الحجب
حتى حجب النور، تكون أكثر ارتباطا بمبدأ النور إلى حيث يصبح الكلام عن الإرتباط
كفراً)[1]
وقال
مخاطبا له يدعوه إلى أن يفر من أي مسؤولية تلقى عليه بحجة التفرغ للحق سبحانه
وتعالى: (بني: لا تلق عن كاهلك حمل المسؤولية الإنسانية التي هي خدمة الحق في صورة
خدمة الخلق.. فإن جولات الشيطان وصولاته في هذا الميدان ليست بأقل من جولاته
وصولاته بين المسؤولين والمتصدين للأمور (العامة). ولا تتعب نفسك للحصول على مقام
مهما كان -سواء المقام المعنوي أم المادي- متذرعاً بأني أريد أن أقترب من المعارف
الإلهية أكثر.. أو أني أريد أن أخدم عباد الله، فإن التوجه إلى ذلك من الشيطان،
فضلا عن بذل الجهد للحصول عليه)[2]