نام کتاب : إيران دين وحضارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 289
والخشوع التام، الذي يجعل صاحب
الصلاة منشغلا بها عمن سواها، يقول في ذلك: (بعدما علمت مراتب حضور القلب، فالأفضل
والأهم أن يكون الإنسان بصدد معالجة النفس، وإذا كانت يده قاصرة عن الوصول إلى ذيل
جميع مراتبه فلا أقل من أن يصرف همته في تحصيل بعض مراتبه الذي تسقط العبادة بأقل
منه عن درجة الاعتبار، ولا تكون موردا للقبول في جنابه المقدس)[1]
ويبين كيفية تحصيل حضور القلب في
الصلاة، فيقول: (فليعلم أن منشأ حضور القلب في أي عمل من الأعمال وسبب إقبال النفس
عليه وتوجهها إليه أن يتلقى القلب ذلك العمل بالعظمة، ويعده من المهمات) [2]
ثم يضرب على ذلك مثالا يبسط به
هذا المعنى، فيقول: (إذا أجاز لك السلطان حضورك في محفل أنسه العظيم، وجعلك موردا
للتوجه والتلطف بحضرة الجميع، فحيث أن هذا المقام عظيم في قلبك، ويتلقاه القلب
بالعظمة والأهمية، فلهذا يحضر قلبك بتمامه في ذلك المحضر، ويحافظ على جميع خصوصيات
المجلس، ومخاطبات السلطان وحركاته وسكناته. ويكون قلبك حاضرا في المحضر في جميع
الأحوال، ولا يغفل عنه ولو للحظة، وعلى خلاف ذلك إذا كان المخاطب غير مهم، ويراه
القلب تافها فلا يحصل لك حضور القلب في المكالمة معه وتكون غافلا عن حالاته
وأقواله) [3]
ومن خلال هذا المثال يبين سبب
الغفلة التي تجعل المصلي غافلا في صلاته، غير مستفيد من ثمارها العظيمة في ترقية
روحه، والعروج بها إلى الله، فيقول: (ومن هنا يعلم السبب في عدم حضور قلوبنا في
العبادات وغفلتها عنها. فنحن لو أهمتنا المناجاة للحق