وسر ذلك، والله أعلم، أن تلك التفاصيل الواردة في تلك الوصايا من الحكمة ومن
وجوه الاستنباط المقاصدي، فبر الوالدين ـ مثلا ـ ورد في القرآن الكريم مجملا، ولم
يفصل بتلك التفاصيل إلا في ذلك الموضع، فقد ذكر جميع الأحوال المرتبطة بهما.
ومثل ذلك في الأمر بالإنفاق، فقد ورد في أكثر القرآن الكريم مطلقا، ولكنه في
ذلك الموضع ورد مقيدا، قال تعالى:
﴿ وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً
إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً﴾
(الاسراء:29)
ومثل ذلك ما ورد من التفاصيل بعد ذكر إيتاء لقمان u الحكمة، فقد ذكر
فيها من التفاصيل في كل موضع من المواضع ما يدل على مبلغ علم الحكيم، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ
يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ
حَمِيدٌ﴾ (لقمان:12)
ففي هذه الآية وحدها تفاصيل حقيقة الشكر ومقصده وعلاقته بالله، وعلاقته
بالعبد...
مظهر علمي: وهذا المظهر لا
يعرف إلا من كليات الشريعة والنصوص، فمن عرفها عرف مقصد الشارع من التشريعات
المختلفة، كما ذكرنا سابقا في مقاصد القرآن الكريم.
زيادة على ذلك، فإن النصوص الشرعية المعصومة من القرآن الكريم والسنة
المطهرة نصت على أكثر المقاصد، بل لا تعرف المقاصد إلا منها.
ففي القرآن الكريم مثلا الإخبار بالمقصد الأصلي من خلق العباد، وهو أصل
المقاصد، ومنه تتشعب جميع الأحكام، فقال تعالى: ﴿
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا
نام کتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 555