انطلاقا من
هذه الأهمية التي أولاها الشرع لهذا البعد، سنتناول في هذا الفصل مبحثين:
1. أنواع
المعارف ومراتب تعلمها.
2. مواصفات
طالب العلم.
وكلا الأمرين
من أساسيات هذا البعد، فالأول يبحث في المعارف التي تختلف باختلافها شخصية المعرف،
والثاني يبحث في تحقيق المتلقي ما يؤهله للتلقي.
وكلاهما أيضا
مما له علاقة بالجانب العملي، وهو الميدان الأول للفقه.
أولا ـ أنواع المعرفة ومراتب تعلمها
إن العلم، وإن كان محمودا لذاته، فإن العمر أقصر من أن يفي بحقه، فلذلك كان
من أولى أولويات المربي والمتلقي على حد سواء تحديد ما يمكن أن يقضى العمر في
تعلمه، سواء كان من فروض العين أو فروض الكفاية، أو كان مما نص على استحبابه ولم
يرق إلى حد الفرضية.
وذلك لأن اشتغال الطالب بغير ما يفيده أو يفيد مجتمعه ـ وإن كان علما مفيدا
ـ مضر بعلوم أخرى لها أولويتها وتقدمها على غيرها، ومثل ذلك ابتداؤه بالمهم
وتقديمه على الأهم، فإنه سيضر لا محالة بمنهج حياته جميعا.
وسنكتفي هنا بذكر ثلاثة أمثلة قرآنية تشير إلى هذه الحقيقة العظيمة التي غفل
عنها الإنسان الغربي غفلة مطلقة، فاستغل العلم للفتك بالبشرية وتدمير الإنسان،
وغفل عنها الإنسان المسلم غفلة جزئية فسقط في مهاو خطيرة لا يخرجه منها إلا رجوعه
لسواء