وقد قيل في
علة هذا النهي أنه إذا جلس في وسطها استدبر بعضهم بظهره فيؤذيهم بذلك ويسبونه
ويلعنونه، ولذلك قال a:(لا حمى إلا في ثلاثة)[2]، وذكر منها حلقة القوم، أي لهم أن يحموها حتى لا يتخطاهم أحد ولا يجلس
وسطها.
ج ـ آداب الحديث في
المجالس:
من الآداب
التي ذكرها العلماء للحديث في المجالس أن لا يجيب إلا من يسأل فيها، وقد ذكروا من
ذلك عن مجاهد بن جبر، قال: قال لقمان u لابنه:
إياك إذا سئل غيرك أن تكون أنت المجيب، كانك أصبت غنيمة، أوظفرت بعطية، فإنك إن
فعلت ذلك، أزريت بالمسؤول، وعنفت السائل، ودللت السفهاء على سفاهة حلمك، وسوء
أدبك.
ومنها عدم
تخجيل المحدث بإخبارك عن علمك بما يخبرك به إن كان يظن عدم معرفتك به، ويذكر من
ذلك عن عطاء أبي رباح، قال:(إن الشاب ليحدثني بحديث، فأستمع له كأني لم أسمعه،
ولقد سمعته قبل أن يولد)
وقال عبد
الله بن وهب القرشي المصري، صاحب الإمام مالك والليث بن سعد والثوري وغيرهم: إني
لأسمع من الرجل الحديث قد سمعته قبل أن يجتمع أبواه، فأنصت له كأني لم أسمعه.
وقال إبراهيم
بن الجنيد: قال حكيم لابنه: تعلم حسن الاستماع، كما تتعلم حسن الكلام، فإن حسن
الاستماع إمهالك للمتكلم حتى يفضي إليك بحديثه، وإقبالك بالوجه والنظر عليه، وترك
المشاركة له في حديث أنت تعرفه.