وهكذا ينص القرآن الكريم على وجود الاختلاف في الأشياء
لتتسع صدورنا لكل شيء.
ولهذه المعرفة دور مهم في مجال تربية الأولاد، لأن
الكثير من الآباء يتصورون أن حياة أبنائهم حق لهم، فهم لذلك يخططون له كيف يشاءون،
حتى الزوجة التي يقضي معها الولد حياته، أو التخصص العلمي الذي تنبني عليه وظيفته،
فإذا ما خالف الولد ما رآه والداه اعتبر عاقا، بل قد يتبرأ منه، ويهجره، ويرفض
مجرد الحوار معه.
د
ـ حرية الحوار:
وهي شرط أساسي في نجاح الحوار، لأن الغرض من الحوار هو
توصيل كل طرف قناعته للآخر، أو هو محاولة برمجة طرف من الأطراف بفكر الآخر.
وهو يستدعي شعور كل محاور بالحرية، وأن يثق بشخصيته
الفكرية المستقلة، فلا يسلم للآخر إلا عن قناعة بقوله، لا بمجرد تقليد قد تلعب به
الرياح كما تشاء.
ولعل أكبر ما يمنع من حرية أحد الطرفين في إبداء رأيه
وتبليغ قناعته هو شعوره بعلياء الآخر، وقزامته، فيضمحل أمامه وينسحق، فلا يجرؤ على
إبداء رأيه، وتخليص نفسه من شبهاته.
ولهذا أمر الله تعالى رسوله a أن يخاطب
محاوريه بقوله:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾
(الكهف:110)، وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا
رَشَداً﴾ (الجـن:21)، وقال تعالى:﴿ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي
ضَرّاً وَلا نَفْعاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ
أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ (يونس:49)
نام کتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 71