نام کتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 184
والتربية، فإن أول ما يمارسه المربي من العقوبة هو
إنذار المتلقي من عذاب الله وسخطه، كما قال تعالى:﴿ وَأَنْذِرِ
النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ ﴾ (ابراهيم:44)
فالإخبار بالعقوبة الأخروية كفيل وحده ـ لمن آمن بالله
واليوم الآخر ـ بردعه من غير حاجة إلى أن يمارس معه أسلوبا آخر من أساليب الردع.
ولهذا رفع الله تعالى عقوبة المحاربة على من جاء تائبا
مستغفرا قبل أن يقدر عليه، كما قال تعالى:﴿ إِلَّا
الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (المائدة:34)، لأن التائب يكون قد امتلأ بالندم
الذي دعاه إليه خوفه من الله، فكان في احتراقه الداخلي رادعا لا يحتاج معه إلى
رادع خارجي.
وإلى هذا المعنى الإشارة بقوله تعالى:﴿
وَالَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا
فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً﴾ (النساء:16)،
فإن الآية ـ وإن قيل بنسخها ـ إلا أن لها دلالة على أن للتوبة تأثيرها في رفع الحد
أو التخفيف منه بشرط أن لا يتمكن من العاصي قبل توبته، لأن توبته حينذاك قد تكون
مدخولة أو نوعا من الحيلة للفرار من العقوبة.
وقد ذكرنا ـ سابقا ـ قول إبراهيم بن سفيان وهو يبين أثر
الخوف في الردع عن الانحراف بقوله:(إذا سكن الخوف القلوب أحرق مواضع الشهوات منها،
وطرد الدنيا عنها)، وعبر عن ذلك أبو سليمان بقوله:(ما فارق الخوف قلبا إلا خرب)وعبر
عنه ذو النون بقوله:(الناس على الطريق ما لم يزل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف
ضلوا عن الطريق)
فالخوف المتولد من الإنذار هو السوط الأول الذي يضرب به
المربي الانحراف، ويقوم به الاعوجاج، ويصحح به السلوك.
بل هو أخطر في تأثيره الرادع من العقوبة المادية نفسها،
وذلك لأن المنحرف قد
نام کتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 184