نام کتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 167
رَحِيمٌ﴾ (النور:22)، فقال أبو بكر :(بلى واللّه
إني لأحب أن يغفر اللّه لي)، فرجَّع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال:(واللّه
لا أنزعها منه أبداً)[1]
وقد ذكر الغزالي من علامات صدق المتصدق وخلوه من
استشعار أنانيته عند التصدق (أن يقدّر أن الفقير لو جنى عليه جناية أو مالأ عدوّاً
له عليه مثلاً هل كان يزيد استنكاره واستبعاده له على استنكاره قبل التصدّق؟ فإن
زاد لم تخل صدقته عن شائبة المنة لأنه توقع بسببه ما لم يكن بتوقعه قبل ذلك)[2]
وذكر من هدي الصالحين ما يبين استشعارهم لهذا المعنى،
وحذرهم منه، وهو ما دعاهم إلى الوقوف بين يدي الفقير بحال السائل لا المعطي، فذكر
عن بعضهم أنه كان يضع الصدقة بـين يدي الفقير ويتمثل قائماً بـين يديه يسأله
قبولها حتى يكون هو في صورة السائلين وهو يستشعر مع ذلك كراهية لو رده.
وكان بعضهم يبسط كفه ليأخذ الفقير من كفه وتكون يد
الفقير هي العليا.
ولأجل التحصن بحصن الإخلاص ورد النهي عن المن والأذى،
فقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ
بِالْمَنِّ وَالْأَذَى ﴾ (البقرة:264)
وقد ذكر الغزالي المنبع النفسي الذي يصدر منه هذان
السلوكان اللذان ينحرفان بالصدقة عن هدفها الشرعي من تطهير النفس، فقال بعد ذكر
الخلاف فيهما:(وعندي أنّ المن له أصل ومغرس وهو من أحوال القلب وصفاته؛ ثم يتفرع
عليه أحوال ظاهرة على اللسان والجوارح فأصله أن يرى نفسه محسناً إليه ومنعماً
عليه، وحقه أن يرى الفقير محسناً إليه بقبول حق الله عز وجل منه الذي هي طهرته
ونجاته من النار، وأنه لو يقبله لبقي مرتهناً به فحقه أن يتقلد منه الفقير إذ جعل
كفه نائباً عن الله عز وجل في قبض حق