نام کتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 16
فالبرهان هنا هو المعارف الإيمانية التي رآها بعين
اليقين، فهي التي كانت عاصمة له من الوقوع في كل انحراف، وهي الذي أشار إليها قوله
تعالى:﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً
وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف:22)
وأكبر دليل على ذلك هو أن هذه الآية الكريمة سبقت
مباشرة ذكر الفتنة التي تعرض لها، وهي تعني أن يوسف u لم
يتعرض للبلاء إلا وهو يحمل جميع أسلحة الإيمان.
ولكن الذين يأبون أن يأخذوا بهذا الظاهر القرآني، أو
المغرمين بأساطير الأولين، يأبون إلا أن يلبسوا هذا البرهان ثوب الغيبية وخرقة
الأسطورة.
ولنتأمل هذا المشهد الذي يحكيه كثير من المفسرين،
ولنقارنه بالمشهد القرآني:
قال السدي وهو يقص علينا هذا المشهد: قالت له: يا يوسف
ما أحسن شعرك قال: هو أول ما ينتثر من جسدي، قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك قال: هو
للتراب يأكله.. فلم تزل حتى أطمعته، فهمت به وهم بها فدخلا البيت وغلقت الأبواب
وذهب ليحل سراويله، فإذا هو بصورة يعقوب قائما في البيت قد عض على أصبعه يقول:(يا
يوسف تواقعها، فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق، ومثلك
إذا واقعتها مثله إذا مات ووقع إلى الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، ومثلك ما لم
تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يعمل عليه، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت
فيدخل النمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه)، فربط سراويله وذهب ليخرج
يشتد، فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه، فخرقته حتى أخرجته منه وسقط وطرحه يوسف
واشتد نحو الباب)[1]