نام کتاب : حقوق الأولاد النفسية والصحية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 287
ففي هاتين
الآيتين الكريمتين جميع الأسس التي تملأ نفس الإنسان قناعة ورضا وإيمانا بخيرية
قضاء الله وهباته لخلقه:
فالله تعالى
قدم للآيات ببيان أنه المالك للسموات والأرض، وأنه هو الخالق لما يشاء، فلذلك كان
الاعتراض على شيء من خلق الله اعتراضا على الله من جهة، ومعارضة لملك الله
ومالكيته للأشياء من جهة أخرى.
ثم إن التأمل
في السموات والأرض، والذي قدم به لهذه القضية، كاف في الإذعان لله والثقة في
تقسيمه تعالى، فالكون مؤسس على أحسن نظام وأعظمه دقة فلا تفاوت فيه ولا فطور ﴿
الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ
تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ)(الملك:3)
وكما أن البناء الكوني مؤسس على أساس
الزوجية، كما قال تعالى:﴿ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا
زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)(الرعد:3)، وقال تعالى:﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ
خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(الذريات:49)، فإن حياة الإنسان
واستمرار نوعه يستلزم وجود هذه الزوجية في نوع الإنسان، يقول سيد قطب:(وحكمة الله،
وقاعدة الحياة، اقتضت أن تنشأ الحياة من زوجين ذكر وأنثى. فالأنثى أصيلة في نظام
الحياة أصالة الذكر ؛ بل ربما كانت أشد أصالة لأنها المستقر. فكيف يغتم من يبشر
بالأنثى، وكيف يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ونظام الحياة لا يقوم إلا على
وجود الزوجين دائما؟)[1]
وبعد هذه
المقدمة التي تخرج الإنسان من قفص أنانيته إلى رحابة الكون الواسع، وتربطه بالخالق
المالك تخبر تتمة الآية بأن الله تعالى بحكمته وعلمه وقدرته وجوده هو الواهب لهذه
الزوجية في نوع الإنسان،كما أنه هو الواهب لها في جميع الكون، فهو