نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 37
له،
ليعرف العالم أجمع أن المسلمين قوم مسالمون، لا يبدؤون غيرهم بالقتال، وإنما
يلجؤون إليه بعد أن تضيق بهم المسالك، ولا يجدون حلا غيره، ثم لا يستعملونه إلا في
الحدود الضرورية.
لقد
روى المحدثون عن أبي بن كعب أنه قال: (لما قدم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
وأصحابه المدينة، وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة وشمّروا لهم
عن ساق العداوة والمحاربة، وصاحوا بهم من كل جانب حتى كان المسلمون لا يبيتون إلا
في السّلاح ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: ترى نعيش حتى نبيت مطمئنين لا نخاف إلا
الله عز وجل، فأنزل الله تبارك وتعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا
يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55]) [1]
في تلك
الظروف القاسية، والتي اجتمع فيها الجميع على حربكم، نزل قوله تعالى يدعوكم إلى
الصبر، وعدم المقابلة بالمثل: ﴿ وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ
بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ
الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى
رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل: 41، 42]
ولم يكن ذلك الأذى قاصرا على الأذى الحسي، بل كان
المشركون واليهود والمنافقون يستعملون كل وسائل الحرب النفسية، ليزحزحوكم عن
الدين، ولم يكن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ولا القرآن الكريم يدعوكم سوى للصبر والصفح
والسلام.
[1] رواه البيهقيّ وغيره، سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (4/
3)
نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 37