نام کتاب : رسائل إلى الصحابة المنتجبين نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 156
بالحكمة
والموعظة الحسنة، وقد حدث وهب قال: (طاف ابن عباس بالبيت حين أصبح أسبوعاً، وكان
قد رقّ بصره، فكان يتوكأ على العصا، فلمّا فرغ من طوافه انصرف إلى الحطيم، فصلى
ركعتين، ثم نهض فنهضنا معه، ثم انطلق بنا إلى غربي الكعبة، فوقفنا على قوم بلغ ابن
عباس أنّهم يخوضون في حديث القدر وغيره ممّا يختلف الناس فيه، فلمّا وقف عليهم
سلّم عليهم فأجابوه، فرحبّوا به وأوسعوا له، فكره أن يجلس إليهم.. ثم قال: (يا
معشر المتكلمين فيما لا يعنيهم، ولا يُردّ عليهم، ألم تعلموا أنّ لله عز وجل
عباداً قد أسكتتهم خشيته من غير عيّ ولا بكم، وإنّهم لهم الفصحاء النطقاء والنبلاء
الأولياء والعالمون بالله عز وجل وبآياته، ولكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت
ألسنتهم وكسرت قلوبهم وطاشت عقولهم إعظاماً لله عز وجل وإعزازاً وإجلالاً، فإذا
استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزكيّة، يعدّون أنفسهم مع
الظالمين الخاطئين، وإنّهم لأنزاه أبرار، ومع المقصّرين والمفرّطين، وإنّهم لأكياس
أقوياء، ولكنهم لا يرضون لله عز وجل بالقليل، ولا يستكثرون له الكثير، ولا يُدلّون
عليه بالأعمال، متى ما لقيتهم فهم مهتمون مخوَّفون مروَّعون خائفون مشفقون وجلون،
فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين. اعلموا أنّ أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه، وأنّ
أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه)
وقد
ذكر وهب تأثير موعظتك فيهم، فقال: (ثم انصرف عنهم وتركهم، فبلغ ابن عباس أنّهم
تفرّقوا عن مجلسهم ذلك، ثم لم يعودوا إليه حتى هلك ابن عباس) [1]وقد
روي طاووس بعض حوارك لهم، فقال: (كنت عند ابن عباس ومعنا رجل من القدرية، فقلت: إنّ أناساً
يقولون لا قدر، قال: أوفي القوم أحد منهم؟ قلت: لو كان ما