فقلت لها: (ما هذه الكسرة؟) قالت: قرصة خبزتها، فلم تطب نفسي إلا أن آتيك بهذه الكسرة، فقلت: (أما إنه أول طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيام) [1]

وقال: مشيت إلى رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم بخبز شعير وله هالة ولقد سمعته يقول: (ما أصبح لآل محمد، ولا أمسى في آل محمد إلا صاع، وإنهن يومئذ لتسعة أبيات) [2]

وقال: إن النبي صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضفف [3].

وقال: شهدت وليمة للنبي a ما فيها خبز ولا لحم [4].

وقال: أكل رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم بشعا ولبس خشنا، فسئل أبو الحسن ما البشع؟ قال: غليظ الشعير، وما كان يسفه إلا بجرعة من ماء[5].

وقال: ما أعلم أن رسول الله صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم رأى رغيفا مرققا بعينه، حتى لحق بربه، ولا شاة سميطا قط [6].

وغيرها من الشهادات الكثيرة التي لم يخالف فيها أحد من أصحابك، بل كلهم كانوا متفقين على ذلك الزهد الذي ملأ حياتك كلها، فجعلك المثل الأعلى له.

بل إنهم لم يكتفوا بذلك، وإنما نقلوا لنا صورا عن مبلغ ذلك الزهد؛ فذكروا أنك كنت

[1] رواه أحمد، وابن سعد وأبو داود، والحارث بن أبي أسامة برجال ثقات.

[2] رواه البخاري ومسلم.

[3] رواه ابن أبي شيبة، أحمد، وأبو يعلى، والترمذي في الشمائل، وابن سعد بإسناد صحيح.

[4] رواه ابن سعد.

[5] رواه أبو الحسن بن الضحاك.

[6] رواه ابن سعد.