نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 86
وهو
يقرر، وهو يتصرف. فإذا وجدت ظروف يمكن في ظلها أن تتحقق منفعة بالنظر إلى الإنسان
تماماً من الخارج، كما لو كان يستجيب لحافز خارجي استجابة آلية منتظمة يتسنى
التنبؤ بها، فربما كان الأخذ بنموذج آلي مفيداً في مثل هذه الظروف. ولكن علم النفس
الإنساني ينطلق من افتراض كون مثل هذه الظروف حالات خاصة، ومن أن تأسيس علم النفس
بأكمله عليها سيكون افتقاراً لهذا العلم، وقيدا من شأنه أن يحول دون تطبيقه العام
على فهم طبيعة الإنسان)[1]
وما ذكره علماء النفس من أتباع النظرة
الجديدة حصل مثله في علم الأعصاب، بعد أن جاء القرن العشرون بكشوف رائعة عن
الفسيولوجيا، والتي خالفت كل ما ادعاه أصحاب النظرة القديمة.
وقد بدأ ذلك ـ كما يذكر صاحبا كتاب
[العلم في منظوره الجديد] بـ [السير تشارلز سرنغتون] الذي يعتبر مؤسس فسيولوجيا
الأعصاب الحديثة، فنتيجة بحوثه الرائدة في الجهاز العصبي والدماغ خلص إلى هذه
النتيجة المهمة التي عبر عنها بقوله: (هكذا ظهر فرق جذري بين الحياة والعقل؛
فالحياة هي مسألة كيمياء وفيزياء، أما العقل فهو يستعصي على الكيمياء والفيزياء)[2]
وهو يقصد بمصطلح [الحياة] هنا إلى ما
سماه الفلاسفة [النفس الحيوانية]، وهي ما تحتاجه حياة الجسد من متطلبات كالتغذية
الذاتية، واستقلاب الخلايا والنمو، ذلك أن هذه الظواهر تتم بواسطة قوانين الفيزياء
والكيمياء، ويمكن تفسيرها بلغة هذين العلمين، بخلاف أنشطة العقل فهي تتجاوز آليات
الفيزياء والكيمياء.
وقد وافقه على هذا [السير جون اكلس]
المتخصص في علم الأعصاب، والذي عبر