نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 62
والبداهة
حاكمة بأن اجتماع الأضداد في الأجسام محال، فلمّا حصل اجتماعها في القوى النفسانية
وجب أن لا تكون جسمانية.
8 ـ إن
المادة الجسمانية إذا حصلت فيها صور ونقوش مخصوصة، فإن وجود تلك الصور يمنع من
حصول غيرها إلاّ بعد إزالة الاُولى، بينما يستوعب التعقّل والتصوّر الذهني الصور
المتعاقبة التي يستطيع الإنسان أن يستحضرها أو يتخيلها في لحظة ما بمقدار وجودها
الخارجي دون حاجة إلى التدرّج أو مرور الزمان ودون أن يمتلئ المحلّ بها، فلا بد أن
يكون محلها غير ماديّ ولا متحيّز.
هذه
أبرز الأدلة التي استدل بها الفلاسفة على تجرد الروح، ومن ثم استمرار حياتها بعد
الموت، وقد حاول مصطفى محمود عند حديثه عن الروح في كتابه [حوار مع صديقي الملحد]
أن يصيغها بطريقة مبسطة، تتناسب مع اللغة المستعملة في عصرنا، ويمكن تصنيف ما ذكره
إلى دليلين اثنين.
الدليل الأول: ازدواجية الحقيقة الإنسانية
فأول
المؤشرات التي تساعدنا على التدليل على وجود الروح هو أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة [1]:
1. طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات
المادة، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة بالزمان دائمة التغير
والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن لحظة إلى لحظة، فالجسد تتداول عليه الأحوال
من صحة إلى مرض إلى سمنة إلى هزال إلى نشاط إلى كسل..
وملحق بهذه الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز والمخاوف لا يكف
لحظة عن الجريان في الدماغ، ولأن هذه الطبيعة