وقد قال مكارم الشيرازي في بيان معناها ناقلا
أقوال المفسرين في ذلك: (الرحيق ـ كما اعتبره المفسرين ـ هو الشراب الخالص الذي لا
يشوبه أي غش أو تلوث، ومختوم: إشارة إلى أنه أصلي ويحمل كل صفاته المميزة عن غيره
من الأشربة ولا يجاريه شراب قط، وهذا بحد ذاته تأكيد آخر على خلوص الشراب وطهارته..
والختم بالصورة المذكورة يظهر مدى الإحترام الخاص لأهل الجنة، حيث أن ذلك الإحكام
وتلك الأختام مختصة لهم، ولا يفتحها أحد سواهم.. وختامه ليس كختوم أهل الدنيا التي
تلوث الأيدي، وأقل ما فيها أنها في حال فتحها ترمى في سلة الأوساخ، بل هو شراب
طاهر مختوم، وإذا ما فتح ختمه فتفوح رائحة المسك منه، وقيل: «ختامه» يعني
(نهايته)، فعندما ينتهي من شرب الرحيق، ستفوح من فمه رائحة المسك، على خلاف أشربة
أهل الدنيا، التي لا تترك في الفم إلا المرارة والرائحة الكريهة)[1]
وهكذا الأمر مع الخمر التي تباح في دار
الجزاء بعد أن يزال عنها كل أصناف الأذى التي كانت مرتبطة بها في الدنيا، وهذا يدل
على أن الله تعالى ما حرمها في الدنيا إلا لأجل ذلك الأذى رحمة بعباده، قال تعالى:
﴿يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ [45] بَيْضَاءَ لَذَّةٍ
لِلشَّارِبِينَ [46] لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ [47]﴾
[الصافات: 45- 47]، وقال: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ [17]
بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ [18] لَا يُصَدَّعُونَ