نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 477
]، والآية الكريمة لم تحصر الأنهار، وإنما
ذكرت بعضها بناء على المعارف البسيطة للبشر.
والملاحظة التي يمكن اكتشافها بسهولة من
الآية الكريمة هي أن أنهار الجنة يستحيل عليها التغير والتبدل، وهي السمة التي
تحكم جميع نعيم أهل الجنة.
فالماء في الجنة [غير آسن]، أي أنه (الماء
الذي لا يتغير طعمه ورائحته لطول بقائه، وهذا أول نهر من أنهار الجنة، وفيه ماء
زلال جار طيب الطعم والرائحة)[1]
وهكذا أنهار اللبن الذي لم يتغير طعمه، وذلك (لأن
الجنة مكان لا يعتريه الفساد، ولا تتغير أطعمة الجنة بمرور الزمن، وإنما تتغير
الأطعمة في هذه الحياة الدنيا، لوجود أنواع الميكروبات التي تفسد المواد الغذائية
بسرعة)
وهذا كله يدل على نقاوة جو الجنة وصفائه،
وخلوه من كل المكدرات الموجودة في الدنيا، ذلك أن الدنيا مبنية على الاختلاط بين
الطيب والخبيث بخلاف الجنة التي لا يوجد فيها إلا الطيبات، لأنه لا يسكنها إلا
الطيبون.
وهكذا وصف جو الجنة بكونه جوا معتدلا، قال
تعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا
شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ [الإنسان: 13]، أي أنهم لا يرون شمسا يتأذون
بحرها، ولا زمهريرا يتأذون ببرده.
وهكذا ذكرت ظلال الجنة، والتي لا تعني وجود
حرارة في الجنة، وإنما تعني البعد الجمالي لها، قال تعالى: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ
ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57]، وقال: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي