نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 453
له
رسول الله a
الجنة بما يتناسب مع طباعه وما يشتهي، فقد روي أنه a (كان يومًا يحدث وعنده رجلٌ
من أهل البادية، فقال a: (إن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع، فقال
له: ألست فيما شئت؟ قال: بلى، لكني أحب أن أزرع، قال: فبذر، فبادر الطَرْفَ نباتُه
واستواؤُه واستحصاده، فكان أمثال الجبال، فيقول الله: دونك يا بن آدم، فإنه لا
يشبعك شيء)[1]
وهذا
الحديث يدل على أن الله تعالى يوفر لكل نفس في الجنة البيئة التي تشتهيها، بل يضيف
إليها من كرمه ما يزيد في جمالها ولذتها، كما قال تعالى: ﴿ لَهُمْ مَا
يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ [ق: 35]، وقال: ﴿لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾ [يونس: 26]
وطبعا
هذا لا يعني تلك النفوس المملوءة بالدنس، والتي قد تشتهي ما لا ترتضيه الفطرة
السليمة؛ ذلك أن أصحاب تلك الشهوات، وبعد المرور على السراط يهذبون منها قبل
دخولهم الجنة، فالجنة لا يدخلها إلا الطيبون أصحاب النفوس الطيبة، والرغبات
الطيبة.
ب ـ القطيعة
ومظاهرها:
في
مقابل ذلك الجزاء المعنوي الممتلئ بالجمال، والذي يتواصل فيه المحسنون مع كل شيء،
ابتداء من الله تعالى، وانتهاء بأي مخلوق يرغبون في التواصل معه، نرى أنواع
القطيعة التي يعاني منها المسيئون الذين آثروا في الدنيا مقاطعة ربهم، ورسلهم،
وهداتهم، وجميع القيم التي جاءوا بها؛ فلذلك كان جزاؤهم من جنس عملهم.
وقد
عبر عن أخطر أنواع هذه القطيعة قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ
رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15]، وقد سبقت بقوله
تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا