نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 433
سيصيب أصحاب الجنة لا محالة، وهم يقولون ذلك
بناء على ذلك التثاقل الشديد الذي يربطهم بالدنيا، حتى صاروا يرون أنها الجنة،
ويرون أنه لا يمكن لله تعالى أن يخلق دارا أجمل، ولا أكمل منها.
وربما يكون مصدر هذه الشبهة هو ذلك التعلق
والهيام بالانحراف أو المنحرفين، ولذلك يتوهمون أنهم في الجنة لن يجدوا الفرصة
للقيام بكل تلك الانحرافات التي كانوا يعجبون بها في الدنيا..
أو ربما يكون مصدر هذه الشبهة ذلك الحب
للصراع وما يرتبط به.. وقد ذكر الله تعالى أن الجنة ليس فيها شيء من الصراع، لأن
كل من فيها طيبون ومتشاكلون ومتجانسون؛ فهم ﴿ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا
لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا ﴾
[الواقعة: 25، 26]
ومهما كان مصدر هذه الشبهة، فهو مرتبط بهذه
النشأة، وبتلك النفس التي أملت تلك الشبهة، أما في النشأة الأخرى، وبعد التطهيرات
الكثيرة التي تمر بها النفس ابتداء من عالم البرزخ؛ فإنها ستؤهل لتلك الحياة
الجديدة، التي لا تحب إلا السلام، وتكره كل أصناف اللغو.
ولذلك نرى في الدنيا الشاب في مرحلة المراهقة
يحن لكل أصناف الصخب، لكن العمر إن امتد به، ومر بالتجارب الكثيرة، تجده أكثر
ميلانا إلى الهدوء والسلام، وربما يختار بيتا ريفيا يقضي فيه باقي عمره حرصا على
الحياة الهادئة.
بالإضافة إلى هذا، فإن أوهامنا عن الجنة
ناشئة من تلك التصورات البسيطة التي نتصورها بها، وهي أن يكون لساكنها قصر أو
مجموعة قصور، يعيش في وسطها، دون أن يتحرك أي حركة، أو تكون له أي علاقة، أو يسمع
بأي أحداث، والأمر مختلف تماما.. فالجنة فيها كل ذلك.
نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 433