نام کتاب : أسرار ما بعد الموت نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 154
وربما
يشير إلى هذا من القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ
بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ
﴾ [يس: 52]
وهذا
لا يعني عدم التنعم والعذاب، ذلك أننا عند النوم نشعر بكل المشاعر التي يشعر بها
المستيقظون، حيث نمتلئ سعادة، أو حزنا، من دون أن يقلل النوم من ذلك شيئا.
وإن
شئنا الحقيقة، فإن النصوص المقدسة تدل على أن كل حياة متدنية تعتبر موتا ونوما
بالنسبة لما قبلها، كما وردت الإشارة إلى ذلك في الأثر: (الناس نيام فإذا ماتوا
انتبهوا)[1]
ج ـ الوجود
التشبيهي للنعيم والعذاب في البرزخ:
وهو
أدنى المراتب، وقد عبر عنه الغزالي بقوله: (.. أنك تعلم أن الحية بنفسها لا تؤلم،
بل الذي يلقاك منها وهو السم، ثم السم ليس هو الألم، بل عذابك في الأثر الذي يحصل
فيك من السم؛ فلو حصل مثل ذلك الأثر من غير سم لكان العذاب قد توفر، وكان لا يمكن
تعريف ذلك النوع من العذاب إلا بأن يضاف إلى السبب الذي يفضي إليه في العادة..
وتكون ثمرة السبب حاصلة وإن لم تحصل صورة السبب: والسبب يراد لثمرته لا لذاته)[2]
ثم ختم
هذه المراتب ـ كعادته ـ بنصيحة غالية قال فيها: (والذي أوصيك به أن لا تكثر نظرك
في تفصيل ذلك، ولا تشتغل بمعرفته، بل اشتغل بالتدبير في دفع العذاب كيفما كان، فإن
أهملت العمل والعبادة واشتغلت بالبحث عن ذلك، كنت كمن أخذه سلطان وحبسه ليقطع يده
ويجدع أنفه، فأخذ طول الليل يتفكر في أنه هل يقطعه بسكين، أو بسيف، أو بموسى،
وأهمل طريق الحيلة في دفع أصل العذاب عن نفسه، وهذا غاية الجهل، فقد
[1]
رواه البيهقي في الزهد الكبير (515) من قول سهل التستري، ورواه أبو الفضل الزهري
في حديثه (710) من قول بشر بن الحارث..