ولهذا
قد يشعر هؤلاء بسكرات الموت الشديدة، ويتألمون لها، وربما يتذكرون حينها ما
اقترفوا من المعاصي، ويندمون عليها، وبذلك يتخلصون من الكثير منها.
فإن لم
يكف ذلك عاينوا من أنواع الآلام في فترة البرزخ ما يساهم في تطييبهم وتطهيرهم..
فإن لم يكف ذلك، أو كانت معاصيهم من الذنوب المتعدية، مروا على مواقف الحساب،
وهناك يتعرضون للمزيد من عمليات التطهير والإصلاح التي تؤهلهم لدخول الجنة
المناسبة لمرتبتهم.
وقد ورد في الروايات ما يدل على أن مصير
بعض هؤلاء يبقى مجهولا لغرض التهذيب، ومنها ما روي عن الإمام الصادق أنه سئل: (صف
لنا الموت)، فقال: (على الخبير سقطتم، هو أحد أمور ثلاثة يرد عليه: إما بشارة
بنعيم الأبد، وإما بشارة بعذاب الأبد، وإما تخويف وتهويل وأمر مبهم لا يدري من أي
الفرق هو؟ فأما ولينا والمطيع لأمرنا فهو المبشربنعيم الأبد، وأما عدونا والمخالف
لأمرنا فهو المبشر بعذاب الأبد، وأما المبهم أمره الذي لا يدري ما حاله فهو المؤمن
المسرف على نفسه، لايدري ما يؤول إليه حاله، يأتيه الخبرمبهماً مخوفاً ثم لن يسويه
الله تعالى بأعدائنا، ولكن يخرجه من النار بشفاعتنا، فاعملوا وأطيعوا ولا تتكلوا
ولاتستصغروا عقوبة الله، فإن من المسرفين من لا تلحقه شفاعتنا إلا بعد عذاب الله
بثلاث مائة ألف سنة)[2]
ولهذا،
فإن النصوص المقدسة تبين أن العدل الإلهي يأبى أن يسوي بين جميع المؤمنين، فهم وإن
اتفقوا في الإيمان إلا أنهم يختلفون في درجته، وفي مسلتزماتها من العمل الصالح،
وقد قال الله تعالى مفرقا بين المؤمنين في ذلك: ﴿لَا يَسْتَوِي
الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي