ليتك كنت معي اليوم ـ يا بني ـ عند زيارتي للحديقة
الجديدة التي أقيمت في بلدتنا.. هي حديقة مملوء بكل أصناف الأزهار الجميلة التي
تريك جمال الحياة، وجمال صانع الحياة، وتجعلك ترتبط بالجمال بجميع أبعاده ودرجاته.
لكني ـ أثناء
ذلك الإعجاب الشديد ـ لاحظت قسما مكتوبا عليه [قسم الأزهار السامة]، فتعجبت أن
تكون الأزهار التي ترمز للجمال والحياة، وسيلة للموت والفناء.
دخلت القسم
فوجدت [نبتة الشوكران] بأزهارها الجميلة، مودعة في قفص صلب من الزجاج، حتى لا تمتد
إليها الأيادي.. وقد كتب أمامها: (هذه الزهرات هي التي قتلت الفيلسوف الكبير
سقراط بعد تناولها بلحظات معدودة)
ووجدت من بينها [زهرة
الزنبق] التي تعود الكثير أن يزرعها في الحدائق، أو يضعها في المزهريات، متمتعا
بجمالها من غير أن يدرك السموم التي تحويها، هي وفصيلتها جميعا.
ووجدت من بينها [زهرة
الدفلى]، وهي زهرة جميلة تعودتُ أن أراها في الحدائق، ولم أعلم إلا حينئذ بأنها مع
جمالها تقتل الجمال، ومع حياتها تقتل الحياة.. بل إنها حتى بعد حرقها تنتج بدخانها
المنتشر سموما قاتلة.
ووجدت من بينها
أزهار [التوت الأبيض]، وهي أزهار تشبه العيون الجميلة.. لكنها مع جمالها، وجمال
العيون التي تشبهها شديدة السمية، تقتل كل من يقترب منها.
ووجدت من بينها
الزهرة التي نسميها [ست الحسن]، ووجدت مكتوبا أمامها