لا أزال أذكر
جيدا ـ أيها الرفيق العزيز ـ ذلك المطعم الذي أخبرتني عنه، والذي تسبب لك طعامه في
تسمم أصاب جهازك الهضمي، بل جميع أجهزتك بضرر كبير، ظل يلاحقك ألمه وتبعاته فترة
طويلة، مع أنك لم تأكل فيه سوى وجبة واحدة.
وأنا لا أريد أن
أطلب منك أن تعود إلى ذلك المطعم المشؤوم؛ فقد ذكرت لي أنك أقسمت على أنك لن تدخل
أي مطعم في حياتك، ذلك أن الوساوس صارت تنتابك في كل ما يعرض فيها من طعام، وأنا
أوافقك في ذلك؛ فقد حصل لي بعض ما حصل لك، وصرت لا أسافر إلا ومعي زادي الذي
يغنيني عن تلك المطاعم المشؤومة وغيرها.
ولكني أريد أن
أذكرك بأنك ربما لم تبر بقسمك؛ فقد رأيتك البارحة في مطعم أكثر شؤما من ذلك المطعم
الذي أصابك بالتسمم، لكن الفرق بينهما أن الأول ترك أعراضه في جسدك؛ فلذلك رحت
تسارع في علاجه، وإخراج العلة منه، بينما المطعم الذي رأيتك فيه البارحة أصاب قلبك
ونفسك وحقيقتك، ولم يترك أي أثر في جسدك، ولذلك لم تنتبه إليه، لأننا لا ننتبه عادة
للعوارض النفسية مثل انتباهنا للعوارض الجسدية.
لست أدري ـ أيها
الرفيق العزيز ـ هل فهمت عني ما أقصده أم لا.. ولذلك سأذكرك، فلعلك تتدارك ما حصل
لروحك، مثلما تداركت ما حصل لجسدك، ولعلك تقسم قسما جديدا على عدم الدخول لتلك
المطاعم التي تصيب أجهزتك الحقيقية بالسمية، مثل توبتك عن المطاعم التي تتسبب في
عطب الآلات التي تستخدمها، والكفن الذي تلبسه.
لقد رأيتك
البارحة تدخل ذلك النادي الثقافي المحترم، وكنت تعرف جيدا