أرسلت إلي ـ
أيها الرفيق العزيز ـ تتعجب من بثي لتلك الأحاديث المحذرة من القتل، وذكرت لي أنك
وجميع من سمعوا تلك الأحاديث قوم مسالمون، لم تتلطخ أيديكم بالدماء، وأنه كان الأجدر
بي أن أحدثكم عن غير الدماء، أو عن غير الكبائر؛ فأنتم ـ بحمد الله، كما تذكر ـ
قوم متدينون مسلمون، وأبعد الناس عن مثل تلك الجرائم.
وأنا ـ في تلك
الموعظة التي وعظتكم ـ لم أكن أقصد أنكم محاربون، ولا أن أيديكم ملطخة بالدماء،
لكني خشيت أن تكونوا من الذين يُكتبون من القتلة، مع أنهم لم يسفكوا في حياتهم
قطرة دم واحدة، لكنهم قتلوا بقلوبهم وألسنتهم ملايين البشر.. والقاتل ليس من مارس
القتل بيده فقط، وإنما من مارسه بلسانه وقلبه وأي لطيفة من لطائفه.
لقد ورد في
الحديث ما يدل على ذلك، فقد قال a:
(إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها وكرهها - وفي رواية - فأنكرها - كمن غاب
عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها) [1]
وفي حديث آخر
قال a: (ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون فمن عرف برئ، ومن
أنكر سلم ولكن من رضي وتابع) [2]
وأصدقك القول ـ
أيها الرفيق العزيز ـ أني لم أكن أنوي أن أحدثكم في تلك الموعظة التي شرفتموني
بطلبها عن القتل والدماء، ولكني في الفترة التي جلست فيها إليكم سمعت أحاديث عجيبة
جعلتني أخشى عليك وعليهم من أن تُكتبوا عند الله من
[1] رواه
أبو داود (4345)، والطبراني (17/ 139) (14033)