أيها الرفيق العزيز.. لقد راجعت
كل ما ذكرت لي من الأحداث التي وقعت لك في فترة توليك لتلك المسؤولية الضخمة التي
ناء بها ظهرك.. ورأيت أنها جميعا لا تعود لأولئك العمال البسطاء، ولا أولئك
الأعوان المساكين.. وإنما تعود إليك.
فأنت لم تكن تعالج الأمور
بالحكمة والروية والتؤدة، وإنما كنت تنتفخ مثلما تنتفخ الهررة، ثم تنفجر فيهم
جميعا، فتملأهم بالرعب، ثم لا تلبث أن تتلاعب بأرزاقهم، وتهددهم بقطعها أو
إيقافها..
ولهذا كان غضبك هو الذي جر عليك
كل تلك الويلات.. وهو الذي جلب لك كل أولئك الأعدء.. الذين ما إن لاح لهم بصيص من
القدرة حتى راحوا يتحولون مثلك إلى هررة منتفخة تنفجر فيك، مثلما كنت تنفرج فيهم.
ولو أنك كنت أكثر حكمة، ولم تترك
لغضبك أن يتحكم فيك.. بل سارعت إلى ما أعطاك ربك من علم، فأطفأت به جمر غضبك، لما
وقع ما وقع.
أنت تذكر لي أن تصرفاتهم كانت
مملوءة بالطيش، وأنا أقرك على ذلك، ولكني لا أقرك في أن تتحول تصرفاتك أيضا إلى
تصرفات طائشة، فالطيش لا يعالج بالطيش، وإنما يعالج بالحكمة.
لعلك سمعت بقصة ذلك الذي بال في
المسجد في عهد رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. لا شك أن تصرفه كان طائشا، وكان لا يقل عن تصرفات أولئك العمال
والأعوان الذين شكوت منهم.. لكن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم لم يعالج تلك الواقعة بما عالجت به أمثالها، أو ما هو دونها..
بل عالجها بمنتهى الحكمة والتؤدة
والرفق، فقد راح أولا إلى أصحابه الذين