أيها الرفيق العزيز.. لقد رأيتك
قبل أيام مع مدير تلك المجلة المشبوهة، والتي لا تعرف غير الشغب، وإثارة الفتن،
وكنت منسجما معه انسجاما كليا، ثم ما لبثت حتى قرأ الناس لك مقالا شتت جمعهم، وفرق
وحدتهم، وملأ حياتهم بالصراع.
وليتك راقبت نفسك وأنت تكتبه،
ولم تراقب ما يشتهيه ذلك المدير وغيره، فنحن مطالبون بأن نزرع السلام، لا الصراع،
والوحدة، لا الفرقة، والمحبة، لا البغضاء، ولذلك كان كل من يدعونا إلى الفتنة
شيطانا، حتى لو لبس ثياب الإنسان.
وأريد أيها الرفيق العزيز أن
أنبهك إلى أن الشياطين المعاصرين لا يختلفون كثيرا عن الشياطين القدامى.. فقد كان
القدامى يضعون الأموال في الصرر، ثم يسلمونها للأمراء والملوك ليصلوا بها من
يبيعهم قلمه أو حنجرته.. والمعاصرون كذلك، يستعملون نفس الأسلوب.. ولكن بطريقة
أكثر تطورا.
ولذلك أحذرك من أن تبيع قلمك
لهؤلاء، وكن صادقا مع ربك.. فأنت لم تنزل لهذه الدنيا لتصب الزيت على النار التي
يوقدها الشيطان، وإنما نزلت لتطفئها.. فلا تجعل من قلمك كبريتا، ولا تجعل من مدادك
زيتا..
وتذكر جيدا، وكل حين تلك الكلمات
التي قالها الجاحظ، فقد روي أنه رؤي في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟
ولا تكتب بخطك
غير شيء... يسرك في القيامة أن تراه [1]
بل تذكر ما قاله الله تعالى في
كلماته المقدسة، فقد قال: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ
بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ
ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ