أيها الرفيق
العزيز.. لقد رأيتك في مجالسك، وأنت تمتحن من يجلسون إليك في دينهم وعقائدهم
ومواقفهم، فتحكم عليهم بأقسى الأحكام بناء على ما ذكروه لك من آراء أو مواقف.. ولو
أنك بدل ذلك رحت تحاورهم، وتناقشهم، وتحاول أن تتعرف على أسرار ما ذهبوا إليه لكان
أفضل لك ولهم؛ فهم لا يحتاجونك قاضيا، وإنما يحتاجونك هاديا.
ولو أنك قرأت
بروحك وقلبك ما ورد في القرآن الكريم من وصف الوظائف التي وكلت إلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وهو المعصوم المؤيد بالوحي الإلهي، والمختار
لخطاب الناس جميعا، لاعتزلت مناصب القضاء التي وهبتها لنفسك، أو وهبها لك الشيطان
حين صور لك أنك وصي على عباد الله.. وأنك أنت من يصنفهم بحسب ما تملي عليه نفسه
وهواه.. وأنك بعد ذلك من يدخلهم الجنة، أو من يرميهم في دركات الجحيم.
لقد قال الله
تعالى يصف وظيفة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وأنها لا تتعدى تبليغ
ما أمر بتبليغه:{وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ
نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد:
40]
وعلمه ما يقوله
لأهل الكتاب الذين جحدوا رسالته على الرغم من وجود اسمه ووصفه في كتبهم: ﴿فَإِنْ
حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ
أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ
اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ
بِالْعِبَادِ﴾ [آل عمران: 20]
وقال في سور
المائدة، وهي من أواخر ما نزل من القرآن الكريم، وحين كان للسلمين قوة وشوكة:
﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ
تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا