أيها الرفيق
العزيز.. لقد رأيتك لا تبالي بخصوماتك الكثيرة مع الخلق، فأنت لا تبالي باستحلالك
لأموالهم وأعراضهم، وكأن الله ما خلقهم إلا كما خلق طعامك ولباسك ومتاعك..
ورأيتك فوق ذلك
تستنجد كل ما فعلت جريمة من جرائمك في حقهم بنبيك، لتطالبه بأن يشفع لك، وتكتفي
بذلك، مع أن نبيك نفسه طالبك بأن تذهب إليهم ليبرئوا ذمتك في الدنيا قبل ألا تغني
عنك أي شفاعة في الآخرة.
لقد شبهتك ـ
أيها الرفيق العزيز ـ حين تفعل ذلك، بذلك الصبي المشاغب الذي يخاصم زملاءه
وأساتذته، ثم يحضر والده، ليترجاهم جميعا، بأن يشملوه بعفوه، ويبذل في ذلك الكثير
من كرامته وحيائه.. وقد كان في إمكانك أن تكون كذلك الصبي المجتهد الطيب الذي يفخر
به والده، ولا يطالَب بالحضور إلا لتكريمه على حسن تربيته لولده.
وهكذا أنت..
فبدل أن ترفع نفسك لمقام فرح رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
بك، واستقباله لك، لحسن حفظك لعهدك معه، وحسن سيرك في خلافته له.. رحت تطالبه بأن
يتدخل لك عند أولئك الذين أسأت إليهم في الدنيا، فراحوا يخاصمونك في الآخرة.
هذه هي الحقيقة
ـ أيها الرفيق العزيز ـ فلا تتوهم.. فالله هو رب الآخرة والدنيا.. وقوانين العدالة
الإلهية لا تتخلف.. ولذلك فإن لخصومك من الاعتبار في الآخرة ما يجعل لهم الحق في
الطعن في كل حكم يصدر عليك إن أضر ذلك بهم.. ولذلك ترتفع الخصومات واللجاجات.
لا تتوهم أن هذا
كلامي.. فأنا أضعف من أن أعرف الدنيا، فكيف أعرف الآخرة؟.. لكن هذا كلام ربك، ولا
تبديل لكلماته، فقد قال لك ولي ولكل الخلق،