قال: فسندخل هذا الأمر من زاوية لا يمكن لأحد أن
يجادلك فيها.
قلت: هذا ما
أريده.. فإني امرؤ لا أحب أن أتهم في ديني.. ولا أحب لذلك أن أقف مواقف التهم.
قال: أجبني..
هل شك الصحابة في كون ابن الصياد هو الدجال؟
قلت: لا شك
في ذلك، وقد رويت النصوص الصحيحة في ذلك.
قال: وما
مصدر شكهم؟
قلت: لقد كان
في ابن الصياد الكثير من العلامات التي تجعله شبيها بالدجال.. فقد كان ابن صياد
يهوديا والدجال يهودي.. وهو دجال وذاك دجال.. وهو أعور وذاك أعور.. ومع ذلك فقد
اتفق الكل على أن ابن الصياد ليس هو الدجال[1].
قال: وأنا
أقول بذلك.. ولا أجادلك فيه.. وإنما أريد أن أخبرك بأن الدجاجلة كثيرون.. وسنزور
أحدهم.. فلا تخف، فلن يجرؤ أحد على أن يطلق زوجتك منك.
قلت: ولكن ما
فائدة البحث في كل هذا.. أخاف أن أتورط بما تورط فيه بعض المشاغبين من قومي..
فراحوا يرضون فضولهم وفضول الناس، ويتلاعبون بأوقاتهم وأموالهم بباطل من القول
وزور.. ولم يكتفوا بذلك بل راحوا يقسمون على ما ذهبوا إليه، وكأنهم اطلعوا على
اللوح المحفوظ [2].
[1]
قال البرزنجي في بيان عدم صحة كون ابن صياد هو المسيح الدجال :( وحاصله أن الأصح
أن الدجال غير ابن صياد وإن شاركه ابن صياد في كونه أعور ومن اليهود، وأنه ساكن في
يهودية أصبهان، إلى غير ذلك، وذلك لأن أحاديث ابن صياد كلها محتملة وحديث الجساسة
نص، فيقدم ) انظر: الإشاعة 293.
[2]
لقد كثرت تخرصات كثير من المعاصرين الذين لم يحاولوا البحث في السنن، وراحوا
يبحثون فيما يرضي الفضول الذي لا يفيد علما ولا سلوكا، بل يتجرؤون على الله،
فيقسمون على صدق ما يدعونه من الجدل:
ومن ذلك ما كتبه محمد عيسى داود في
كتابه ( احذروا ) ص59 متحدثا عن الأطباق الطائرة :( وأقسم لكم بالله غير حانث أنهم
من هذه الأرض، ومن أبنائها، ولكنهم رجال المسيخ الدجال، وتلك الأطباق من اختراعه
الذي سبق به زماننا بقرون )
ومن ذلك ما كتبه أمين محمد جمال
الدين في كتابه هرمجدون ص48:( لقد كنت حريصا ألا أتورط في تنزيل الأحاديث على
الواقع، ليس لعدم جواز ذلك، كلا، فإنه جائز، بل يجوز الحلف بالله على غلبة الظن،
وإنما منعا للجدل وتحرزا عن الدخول في متاهات المشغبين ممن لم تتسع دائرة علمهم
ولم ترسخ بعد في العلم أقدامهم، ولكن هيهات هيهات.
أما الآن، وبعد أن أصبح الناس كلهم
أو جلهم يتوقعون حروبا وملاحم تتجمع أسبابها وتتسارع وتيرتها، وتكاد تدق الأبواب،
فإنني لا أجد غضاضة ولا حرجا في ذكر ما أعلم وتنزيل الأحاديث على الواقع، بل
أستطيع أن أقسم على ذلك، ولا أظن أن أحدا الآن يجرؤ على خلع برقع الحياء، فيجادل
أو يشغب إلا من أراد أن يشتهر أو يتكسب، فإن الأمر قد جد جده، ولم يعد هناك وقت
للتهريج )
ويقول في ص7 :( أستطيع أن أحلف ولا
أستثني أن ملاحم آخر الزمان، والتي تبدأ بالحرب العالمية الثالثة والأخيرة قد كشرت
عن أنيابها، وشمرت عن ساعديها، وكشفت عن ساقيها )
ويقول في ص119 :( أحلف ولا أستثني
أن أولى الجولات بدأت بالفعل )
ويقول الدسوقي في كتابه القيامة
الصغرى على الأبواب ص247 :( فإذا ثبت لنا بما لا يدع مجالا للشك أن هذا الحدث هو
معركة الكويت التي هي الحرب العالمية الثالثة، فإننا الآن نكون يقينا في انتظار
الزلزال العظيم الذي هو علة الخسوف الثلاثة التي هي الآيات الثلاث الأولى من
الآيات العشر )
والحمد لله ، فمثل هذا لم يصدر إلا
عن صحفايين راحوا يملون كل خاطر تمليه عليهم الشياطين، وكمثل على ذلك السبق الصحفي
الذي غر رجلا مثل محمد عيسى داود ليقول في بعض الجرائد :( لم يعرف العالم كله بفضل
الله كاتبا أو مفكرا قال بنظرية وجود المسيخ الدجال في مثلث برمودة، وأنه صاحب
الأطباق الطائرة سوى الكاتب الصحفي محمد عيسى داود... ) ثم يقول :( ومعلوم للقاصي
والداني أنني بصفتي الكاتب محمد عيسى داود عضو نقابة الصحفيين، والمستشار الإعلامي
لمؤسسة أمل الإعلامية، الصاحب الأوحد لفكرة أن المسيخ الدجال هو مخترع الأطباق
الطائرة، وأن له قلعة بمثلث برمودة، ولا يوجد كاتب في كل الدنيا قال بذلك غيري،
وقد تعدى "فلان..." بسرقة نتائج أبحاثي، وانتحلها لنفسه، وذلك ثابت
بكتابين له تم إبلاغ النيابة عنهما، وهي التي قامت بتحريك الدعوى ضده بتهمة السرقة
الفكرية... ) ... ثم يقول :( يكفيني فخرا مئات بل آلاف القراء الذين يؤازرونني لعلمهم
بالحقيقة، ويكفيني فخرا شهادة الدكتور... فلان، الذي شهد لي بأنني رائد هذا
المجال، وصاحب الفكرة، ومن عداي عالة علي من الهواة والمقلدين )
ويقول في كتابه المفاجأة ص9 :(
اللهم تقبل عملي هذا، واجعلني اللهم من كتبته في لوحك المحفوظ أول رجل في أمة
سيدنا محمد a يمهد للمهدي سلطانه، كما
تفضلت علي من قبل وجعلتني أول رجل في الكرة الأرضية يكشف أن المسيخ الدجال له قلعة
في برمودة، وأنه صاحب الأطباق الطائرة، وأنه السامري، وأنه صاحب الختم على العملة
الأمريكية بشعاره هو، لا الماسونية، وأنه هو الذي صاغ برتوكولات شيوخ صهيون، وأنه
صاحب الوجه الآخر للمؤامرة على البشرية، فاجعلني اللهم أول من يبني منبرا للمهدي
في مصر والعالم الإسلامي، والكرة الأرضية، ويهيئ العقول للخير القادم، حاملا سنبلة
خضراء يتضاعف عطاؤها رزقا واسعا لكل أبناء آدم، وفي اليد الأخرى سيف ليقطع عنق
الشر والأشرار، اللهم وكما جعلت كتبي وأفكاري رزقا واسعا للكثيرين في كل مسارات
أرضك، فسلط اللهم سيف انتقامك على من يسرق فكري، أو يحاول تعطيل مسيرتي بأي كيد
وضيع وضاعة أهل الكيد والسرقة والشر والكذب )
ونحن لا نعجب من نطق هذا بمثل هذا ، ولكن نعجب في
أمة تنشر مثل هذا ، وتقرؤه، ثم لا تحاكم صاحبه ... بينما تحاكم المخلصين الصادقين
أصحاب الفكر النير.