responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سوق الخطايا نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 83

فلذلك لا يكون بين علماء الدين الصادقين محاسدة، لأن مقصدهم معرفة الله تعالى وهو بحر واسع لا ضيق فيه، وغرضهم المنزلة عند الله ولا ضيق أيضاً فيما عند الله تعالى لأن أجل ما عند الله سبحانه من النعيم لذة لقائه وليس فيها ممانعة ومزاحمة، ولا يضيق بعض الناظرين على بعض بل يزيد الأنس بكثرتهم.

نعم إذا قصد العلماء بالعلم المال والجاه تحاسدوا لأن المال أعيان وأجسام إذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الآخر، ومعنى الجاه ملك القلوب ومهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم انصرف عن تعظيم الآخر أو نقص عنه لا محالة: فيكون ذلك سبباً للمحاسدة، وإذا امتلأ قلب بالفرح بمعرفة الله تعالى لم يمنع ذلك أن يمتلئ قلب غيره بها وأن يفرح بذلك.

والفرق بين العلم والمال أن المال لا يحل في يد ما لم يرتحل عن اليد الأخرى والعلم في قلب العالم مستقر ويحل في قلب غيره بتعليمه من غير أن يرتحل من قلبه، والمال أجسام وأعيان ولها نهاية، فلو ملك الإنسان جميع في الأرض لم يبق بعده مال يمتلكه غيره، والعلم لا نهاية له ولا يتصور استيعابه، فمن عود نفسه الفكر في جلال الله وعظمته وملكوت أرضه وسمائه صار ذلك ألذ عنده من كل نعيم، ولم يكن ممنوعاً منه ولا مزاحماً فيه، فلا يكون في قلبه حسد لأحد من الخلق لأن غيره أيضاً لو عرف مثل معرفته لم ينقص من لذته بل زادت لذته بمؤانسته، فتكون لذة هؤلاء في مطالعة عجائب الملكوت على الدوام أعظم من لذة من ينظر إلى أشجار الجنة وبساتينها بالعين الظاهرة، فإن نعيم العارف وجنته معرفته التي هي صفة ذاته، يأمن زوالها وهو أبداً يجني ثمارها؛ فهو بروحه وقلبه مغتذ بفاكهة علمه وهي فاكهة غير مقطوعة ولا ممنوعة بل قطوفها دانية، فهو وإن غمض العين الظاهرة فروحه أبداً ترتع في جنة عالية ورياض زاهرة، فإن فرض كثرة في العارفين لم يكونوا متحاسدين بل كانوا كما قال فيهم رب العالمين :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ

نام کتاب : سوق الخطايا نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست