قال: بما أن
الشريعة الحكيمة جاءت لتحفظ الإنسان من شهوات نفسه، فإنها قد شرعت التشريعات
الكثيرة التي تيسر هذا الباب العظيم من أبواب العفة.
ومن ذلك أن
الله تعالى أمر الله الجماعة المسلمة أن تعين من يقف المال في طريقهم إلى النكاح
الحلال، قال تعالى:﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ
مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾(النور:32)والأيامى هم الذين لا أزواج
لهم رجالا كانوا أو نساء، والمراد بهم في هذه الآية الأحرار دون الرقيق لأنه
أفردهم في قوله تعالى:﴿ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ
وَإِمَائِكُمْ﴾
ومن ذلك نهى
الله عضل المرأة ومنعها من الزواج إن تقدم لها الكفء الذي ترغب فيه، فلا يحل عضلها
عنه حتى لو كان قد سبق له إيذاءها بالطلاق، قال تعالى:﴿ وَإِذَا
طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ
يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ
يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ)(البقرة:232)، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته
طلقة أو طلقتين فتنقضي عدتها ثم يبدوا له أن يتزوجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك
فيمنعها أولياؤها من ذلك فنهى اللّه أن يمنعوها، والذي قاله ظاهر من الآية.
ومثل نهي
العضل عن المطلق عضل المتوفى عنها زوجها طمعا في مالها أ وفي عدم خروجها من أسرة
الزوج بعد وفاته، قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ
لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا
بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا
شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)(النساء:19)
ومثل ذلك نهى
عن عضل أي امرأة عن الزواج بمن تتحقق فيه شرائط الكفاءة، قال a
:(إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد
كبير)، قالوا :(يا رسول الله، وإن كان فيه)، قال :(إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه