آفات سم رسخت فيه،
فصارت صورة في الشيء، وعاد الشيء يطلبه بهذا الوجود، وهو في عين الحال لا يحبه، كما
مثّلنا فيه من مثال الماليخوليائي، فهذه الآثار ملائمة لذاته من حيث صدورها عن طبعه
الشقي الخبيث، والآثار الصادرة عن الطباع ملائمة، وهي بعينها عذاب لصدق حد العذاب عليها،
لكون الشيء لا يرتضيها، فهي غير مرضية من حيث الذوق والوجدان في عن كونها مرضية من
حيث الصدور)
ومن الإشكالات (أن العبد
لم يذنب إلّا ذنباً منقطع الآخر، فكيف يجازى بعذاب دائم؟)
وقد أجاب عنه بأن العذاب
ترتب أثر غير مرضي على موضوعه الثابت حقيقة، وهو صورة الشقاء، فهذا الأثر معلول الصورة
الحاصلة بعد تحقق علل معدة، وهي المخالفات المحدودة، وليس معلولاً لتلك العلل المعدة
المحدودة حتى يلزم تأثير المتناهي أثراً غير متناه، وهو محال، نظير تصور المادة بالصورة
الانسانية بتوسط علل معدة، ولا معنى أن يسأل ويقال: إن الآثار الإنسانية الصادرة عن
الانسان بعد الموت صدور دائمي سرمدي لحصول معدات مقطوعة الأمر للمادة، فكيف صار مجموع
منقطع الآخر من العلل سبباً لصدور الآثار المذكورة وبقائها مع الانسان دائماً، لأن
علتها الفاعلة ـ وهي الصورة الانسانية ـ موجودة معها دائماً على الفرض، فكما لا معنى
لهذا السؤال لا معنى لذلك أيضاً.
ومن الإشكالات (أن أهل
الشقاء لا يقصر خدمتهم لنظام التكوين عن خدمات أهل السعادة، ولولاهم لم تتحقق سعادة
لسعيد، فما هو الموجب لوقوعهم في عذاب مخلد؟)
وقد أجاب عنه
بقوله: (إن الخدمة والعبودية أيضاً مثل الرحمة على قسمين: عبودية عامة، وهو الخضوع
والانفعال الوجودي عن مبدأ الوجود، وعبودية خاصة وهو