والجواب عن ذلك، هو
أن كل ما قد نتصوره من شر مجرد، هو في حقيقته ـ ومن جهة تقدير الله له ـ خير عظيم،
ولكن سوء تعاملنا معه هو الذي يحول ذلك الخير إلى شر نتهم به الأقدار.
وقد ذكر النورسي
مثلا لذلك بالنار، فإن لها فوائد ومنافع كثيرة جداً، فلا يـحق لأحد أن يقول: إن
ايـجاد النار شرّ اذا ما أساء استعمالـها باختياره وجعلـها شّـراً ووبالاً على
نفسه.
قال النورسي معلقا
على هذا:( ومن هذا السر يكون خلق الشر ليس شراً، وانما كسب الشر شر، اذ لا يحق
لكسلان قد تأذى من المطر المتضمن لمصالح غزيرة أن يقول: المطر ليس رحمة)[1]
وهكذا الكلام عن
المعاصي، فهي ليست شرا ـ من جهة تقديرها ـ بل قد أخبر a أن البشر لو لم يخطئوا لخلق الله بدلهم من يخطئ، ولكن الشر
في سوء التعامل معها.
فالمعاصي المقدرة
من الله رحمة محضة، كرحمة الله عباده بخلق النار، ولكن العاصي الذي يسيئ التعامل
مع هذا التقدير هو الذي يحرق نفسه بها، كالذي يحرق نفسه بالعبث مع النار.
قد يستغرب هذا، أو
يعتبر إلحادا، أو قد يرمى قائل هذا بالشطح والبدعة، ولكن التأمل في حقيقة هذا يؤدي
إلى هذا المعنى.
وقبل أن نبين هذا نحب
أن نذكر مثالين لسوء التعامل مع المعصية ولحسن التعامل معها:
[1] الكلمة السادسة والعشرون، رسالة القدر،
النورسي.