في هذا السر يصحب
المؤمن أسماء الله الكثيرة التي تخبر عن محبة الله لخلقه، ومودته لهم، ورحمته بهم،
ورزقه لهم، ولطفه بهم، وحنانه عليهم، وعفوه عن مساويهم، ومغفرته لذنوبهم، وتوبته
عليهم، وشكره لهم.
ومن هذا السر يبحر
المؤمن في بحر الحب المقدس، حين يرى جمال الله المتجلي في جميع الأشياء، ورحمة
الله التي هي فيض من فيوضات جماله قد تزيبنت بها حروف جميع الكائنات، ونطقت
بمعانيها جميع الحقائق.
ومن هذا السر يمتلئ قلب
المؤمن من الرحمة الإلهية، فيفيض على جميع الكائنات رقة وإحسانا وبرا، فيصير عينا
من عيون الرحمة، وواسطة من وسائط الجود.
وقبل أن نلج باب الرحمة
الإلهية المفتوح على كل الكائنات نحب أن نمثل لعقولنا الموغلة في الحس، والمغرمة
بالتشبيه ما يمثل بعض تجليات الرحمة الإلهية.
ولمعرفة ذلك نرحل إلى
رسول الله a أعظم العارفين بالله، وأقرب الخلق إلى الله، ليذكر لنا هذا النموذج:
رأى رسول الله a امرأة من السبي قد فرق بينها وبين ولدها، فجعلت كلما وجدت
صبياً من السبي أخذته فألصقته بصدرها وهي تبحث على ولدها، فلما وجدته ضمته إليه
وألقمته ثديها، فقال رسول اللّه a:( أترون هذه طارحة ولدها
في النار وهي