كليمه وقومه وإن
شاء أقام لتلك الأسباب موانع تمنع تأثيرها مع بقاء قواها وإن شاء خلى بينها وبين
اقتضائه لآثارها فهو سبحانه يفعل هذا وهذا وهذا فأي قدح يوجب ذلك في التوحيد وأي
شرك يترتب على ذلك بوبه من الوجوه) [1]
والرجوع إلى النصوص
يرشد إلى هذا القول ويصححه، وقد ذكرنا في مواطن كثيرة أن الأولى الحفاظ على ظاهرية
النصوص وبساطتها وعدم تعديها بتكلف التأويل.
وقد ورد في النصوص
ما يثبت الأسباب، قال تعالى عن ذي القرنين:﴿ إِنَّا
مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً﴾ (الكهف:84)، وقد قيل في تفسيرها عن حبيب بن حماد قال: كنت عند
علي، وسأله رجل عن ذي القرنين، كيف بلغ المشرق والمغرب؟ فقال: سبحان اللّه سخّر له
السحاب وقدر له الأسباب وبسط له اليد)[2]
وقد سمى تعالى
أبواب السماء أسبابا، إذ منها يدخل إلى السماء، فقال تعالى عن فرعون:﴿
لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ
مُوسَى﴾ (غافر: 36 ـ 37)
وسمى تعالى الحبل
سببا لإيصاله إلى المقصود، كما قال تعالى:﴿ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي
الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ
فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾ (الحج:15)
وسمى تعالى وصل
الناس بينهم أسبابا، وهي التي يتسببون بها إلى قضاء حوائج بعضهم بعضا، كما قال تعالى:﴿ إِذْ
تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ
وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ
﴾ (البقرة:166)، قال ابن
عباس :( يعني أسباب المودة الواصلات التي كانت بينهم في الدنيا)، وقال ابن زيد:(
هي الأعمال التي كانوا يؤملون