فظهر من يبالغ في
قدر رسول الله a إلى درجة التوسل بالله تعالى إليه، وقد روي الرد على
هذا في عهد رسول الله a أن رجلا قال له:( إنا
نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك)، فسبح رسول الله a، حتى رؤى ذلك في وجوه أصحابه، وقال:( ويحك أتدرى ما الله،إن
الله لا يستشفع به على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك) [1]
ولهذا كان من مقتضى
التوحيد إفراد الله بالتوجه، فلا ينشغل قلب الداعي، ولا يستحضر غير ربه، ولا يشكو
لغيره أمره، كما قال تعالى:﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ
فَارْغَبْ ﴾ (الشرح:7 ـ 8)
وأخبر تعالى عن قول
يعقوب u:﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى
اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: 86) وقال
الخليل u:﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ
وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (العنكبوت: 17)
وكان a يحض المؤمنين على إفراد الله بالمسألة، كما قال a لابن عباس :( إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله) [2]، وكان a يخطب، ويقول:(
أيها الناس، والله مهما يكون عندنا من خير فلن ندخره عنكم، وإنه من يستغن يغنه
الله، ومن يستعف يعفه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع
من الصبر) [3]
ومراعاة لهذه
النظرة نرى أن هذا التوسل حكمه كحكم سائر الأذكار والأدعية، لا ينبغي المبالغة فيه
أو الاقتصار عليه مع اعتقاد ما سنذكره في الجوابين التاليين، ونفي أي اعتقاد في
الوساطة الشركية، التي جعلها أرباب الأوثان لأوثانهم.