وأقر تعالى هذه
الوساطة التي يقوم بها الرسل ـ عليهم السلام ـ، كما قال تعالى:﴿ وَمَا
نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ
وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (الأنعام:48)
وغير ذلك من آيات
القرآن الكريم الكثيرة التي تخبر عن هذه الوسائط التي جعلها الله بينه وبين عباده،
فكيف يستقيم هذا مع القول بتفرد الله بكل شيء وعدم اتخاذه الوسائط؟
والجواب عن ذلك، أن
الحكمة الإلهية التي اقتضت جعل الإنسان خليفة هي التي اقتضت إرسال الرسل لتعريف
الخلق بوظيفتهم، لأنه لو كان الخطاب مباشرا لهم من الله، تعالى فصار كل مكلف نبيا،
لم يتحقق التكليف الذي يرتبط بالإيمان بالغيب.
ولهذا ورد الثناء
على المؤمنين بالغيب في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقد ذكر تعالى من صفات
المؤمنين أنهم:﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (البقرة:3)، وقال تعالى:﴿ الَّذِينَ
يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ﴾
(الانبياء:49)، وقال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾ (الملك:12)، وقال
تعالى:﴿ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ
مُنِيبٍ﴾ (قّ:33)
وأخبر تعالى أن من
غايات التكليف:﴿ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ﴾
(المائدة: 94)، وقال تعالى:﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ
وَرُسُلَهُ بِالْغَيْب﴾ (الحديد: 25))