وأول ذنوبهم
وأخطرها هو معصية الرسل الذين كلفوا بتبليغهم رسالات الله، وقال تعالى:﴿
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً﴾
(الحاقة:10)، وقال تعالى:﴿ فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (الشعراء:139)
وقد يعترض بعد هذا
بأن من الكفار من يعيش مرغدا ويموت مترفا لا يصيبه جرائر ذنوبه ولا تهلكه كثرة
معاصيه.
فهل لهذا المتمرد
من الوجاهة ما جعله بمنأى من عدالة الجزاء الإلهي؟
وما السر في هذا
التمييز الذي تحيرت له الألباب، بل صار فتنة تصد القلوب عن دين الله.
والجواب عن هذا
الاعتراض هو أن عدالة الله المطلقة، ورحمته التامة الشاملة، والتي سبقت غضبه تتيح
لهذا المتمرد من الفرص، وتبلغه من الحجج ما يكفي لعودته، فإن استمر على بغيه أخذ
أخذ عزيز مقتدر بمجرد تسليم روحه.
ولذلك علل الله
تعالى عدم تعجيله بالعقوبة بمغفرته ورحمته، فقال تعالى:﴿ وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ
يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ
لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً﴾
(الكهف:58)
وأخبر تعالى أن كل
القرى التي نزل عليها العذاب لم ينزل عليها إلا بعد الإمهال الكافي لإقامة الحجة،
قال تعالى:﴿ وَلَقَدِ
اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ
أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ﴾ (الرعد:32)، وقال تعالى:﴿
وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا
وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ (الحج:48)
ويضرب تعالى الأمثلة على ذلك بالأمم التي
أصابها العذاب، ولم يصبها إلا بعد فترة طويلة من الإمهال وإقامة الحجة، قال تعالى
مسلياً نبيه a في
تكذيب من خالفه من