ولكن هؤلاء الشفعاء
لا يشفعون إلا فيمن رضي الله أن يشفع فيه، فهناك من الجرائم ما لا يمكل معه هؤلاء
الشفعاء شيئا، قال تعالى:﴿ يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا
مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً﴾ (طه:109)،
وقال:﴿ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ
لَهُ﴾ (سبأ: 23)، وقال:﴿ وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ
دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾
(الزخرف:86)
ومع أن الشفاعة
التي ورد ذكرها في النصوص من باب رحمة الله تعالى بعباده قد أسيء فهمها من كثير من
العوام، إلا أن فيها آثار نفسية طيبة لا يمكن تجاهلها، وقد أشار إلى بعض هذه
الآثار العلامة الجليل ناصر مكارم الشيرازي.
فمن الآثار التي
ذكرها مكافحة روح اليأس في نفس المعتقدين بها، ذلك أن مرتكبي الجرائم الكبيرة
يعانون من وخزالضمير، كما يشعرون باليأس من عفو اللّه، ولذلك لا يفكرون بالعودة،
ولا بإعادة النظر في طريقة حياتهم الاثمة، وقديدفعهم المستقبل المظلم الى التعنت
والطغيان، وإلى التحلل من كل قيد تماما، كالمريض اليائس من الشفاء الذي يتحلل من
أي نظام غذائي، لاعتقاده بعدم جدوى التقيد بنظام.
ومنها أن قلق
الضمير الناتج عن هذه الجرائم قد يؤدي الى اختلالات نفسية، وإلى تحفيز الشعور
بالانتقام من المجتمع الباعث على تلوثه، وبذلك يتبدل المذنب الى عنصر خطر، وإلى
مصدر قلق اجتماعي، والإيمان بالشفاعة يفتح أمام الانسان نافذة نحو النور، ويبعث
فيه الامل بالعفو والصفح، وهذا الامل يجعله يسيطر على نفسه، ويعيد النظر في مسيرة
حياته، بل ويشجعه على تلافي سيئات الماضي.
ومنها أن الايمان
بالشفاعة يحافظ على التعادل النفسي والروحي للمذنب، ويفسح الطريق أمامه إلى أن
يتبدل إلى عنصر سالم صالح.
وختم هذه الآثار
بقوله:( من هنا يمكن القول أن الاهتمام بالشفاعة بمعناها الصحيح