فالله تعالى بحكمته
وعدله جعل مع كل إنسان شهودا على أعماله، وجعل لهم سجلات خاصة تتناسب مع طبيعتهم
يسجلون فيها حركات الإنسان، وأعماله، ولهذا سماهم الله تعالى (كراماً كاتبين)،
فقال تعالى:﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ
يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ (الانفطار:10 ـ12)
وقد سمى الله تعالى
هؤلاء الملكة الكتبة شهودا، فقال:﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ
وَشَهِيدٌ﴾ (قّ:21)
وأخبر عن كلام
الملاك الذي يقدم شهادته يوم القيامة بقوله:) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾
(قّ:23)، قال مجاهد: هذا كلام الملك السائق يقول: هذا ابن آدم الذي وكلتني به قد
أحضرته.
وأخبر أن هؤلاء
الكتبة يسجلون كل أعمال الإنسان، فقال تعالى:﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ
إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (قّ:18)
وقد ورد ما يدل على
أن هذين الملكين يقفان في جانبي الإنسان، ليكون لهما من القرب ما يسجلان به كل شيء
كما قفعله تماما رعاية للعدل، قال تعالى:﴿ إِذْ يَتَلَقَّى
الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ (قّ:17)
وروي في الآثار ما
يدل على أن ملك اليمين الذي يكتب الحسنات أمين على صاحب الشمال الذي يكتب السيئات
رعاية للعدل والرحمة، قال الأحنف بن قيس:( صاحب اليمين يكتب الخير وهو أمين على
صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له: أمسك، فإن استغفر اللّه تعالى نهاه أن
يكتبها وإن أبى كتبها)[1]