وهذا يدل على ما
تحتله العلاقات الاجتماعية من أهمية في موازين الله تعالى، ولهذا فإن من يسارع في
تقديم الخدمات الاجتماعية سيكون حاله أفضل بكثير من الذي يقتصر على العبادة
المجردة [1].
ولهذا، فإن الكافر
الذي يكون منه هذا السلوك الطيب سيناله جزاءه عليه في الآخرة، وقد ذكر العلماء
هذا، قال القرطبي:( فإن قيل: أما وزن أعمال المؤمنين فظاهر وجهه، فتقابل الحسنات
بالسيئات، فتوجد حقيقة الوزن والكافر لا يكون له حسنات، فما الذي يقابل بكفره وسيئاته
وأن يتحقق في أعماله الوزن؟)
ثم أجاب على ذلك
بوجهين:
أما الوجه الأول،
فهو أن الكافر يحضر له ميزان يوضع فيه كفره أو كفره وسيئاته في إحدى كفتيه، ثم
يقال له: هل لك من طاعة تضعها في الكفة الأخرى؟ فلا يجدها، فيشال الميزان فترتفع
الكفة الفارغة، وتقع الكفة المشغولة، فذلك خفة ميزانه، لأن الله تعالى وصف الميزان
بالخفة لا الموزون، وإذا كان فارغاً فهو خفيف.
وهذا الوجه ـ الذي
ذكره القرطبي ـ قد ينطبق على كافر لم يعمل في حياته ما يمكن تسميته طاعة، أما
الكافر الذي قد يكون منه هذا.. فلا شك أن العدل الإلهي لا يساويه مع غيره.
وهو ما ذكره
القرطبي في الوجه الثاني من جوابه، حيث قال:( والوجه الآخر: أن الكافر يكون منه
صلة الأرحام ومؤاساة الناس وعتق المملوك ونحوهما مما لو كانت من
[1] ومما يروى في أن راهبا تعبد في صومعة ستين سنة
فنظر يوما في غب السماء فقال: لو نزلت فإني لا أرى أحدا فشربت من الماء وتوضأت ثم
رجعت إلى مكاني فتعرضت له امرأة فتكشفت له فلم يملك نفسه أن وقع عليها فدخل بعض
تلك الغدران يغتسل فيه وأدركه الموت وهو على تلك الحال ومر به سائل فأومأ إليه أن
خذ الرغيف رغيفا كان في كسائه فأخذ المسكين الرغيف ومات فجيء بعمل ستين سنة فوضع
في كفة وجيء بخطيئته فوضعت في كفة فرجحت بعمله حتى جيء بالرغيف فوضع مع عمله فرجح
بخطيئته) رواه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد.