وقد أخبر تعالى عن
مقالة المكلفين حين يبصرون دقة موازين الله، فقال:﴿ وَوُضِعَ
الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا
وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا
أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ
أَحَداً﴾ (الكهف:49)
ولذلك فإن الإنسان
يرى في القيامة كل ما كسبت يداه ابتداء من مثاقيل الذر، وهذا من العدل الذي يجعل
المتهم مبصرا لجرائمه وذنوبه التي يحاكم على أساسها، قال تعالى:﴿ فَمَنْ
يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
شَرّاً يَرَهُ﴾ (الزلزلة:7 ـ 8)
وقد أخبر تعالى أن
ثقل هذه الموازين بالأعمال الطيبة هو الكفيل بالنجاة، قال تعالى:﴿ وَالْوَزْنُ
يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ﴾ (لأعراف:8)، وقال تعالى:﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ
مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (المؤمنون:102)
ومن مظاهر العدل
الإلهي التي لا يمكن وصفها أن الله تعالى لا يزن الأعمال فقط، كما نفعل في الدنيا
حين نكتفي بتقييم الأعمال دون نظر إلى ما يحيط بها من ملابسات، فنقع بذلك في أخطاء
كثيرة وجور عظيم.
لكن الله ـ بعدله ـ
يزن العمل، وكل ما يرتبط بالعمل من قريب أو من بعيد، ولهذ ورد التعبير عن الميزان
في القرآن الكريم بلفظ الجمع.