ومن رحمة الله أن
الشريعة الخاتمة، والتي لم تكن معلقة بطائفة معينة أو زمن معين كان من خصائصها رفع
الإصر الذي وجد في الشرائع السابقة، كما قال تعالى:﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ
وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾
(لأعراف: 157)
ولذلك عبر عنها بأنها
شريعة الفطرة، أي تتناسب مع الفطرة السليمة التي لم تتأثر بالمؤثرات الخاجية، كما
قال تعالى:﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي
فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ
الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (الروم:30) بخلاف
شريعة بني إسرائيل التي شرعت لفطرة انتكست وانحرفت عن مسارها.
ولهذا عندما عرض على
رسول الله a ليلة الإسراء الخمر واللبن، فتناول رسول اللّه a اللبن، فقال له جبريل u:(
أصبت الفطرة) [1]فاللبن باق على أصل خلقته، بخلاف الخمر الذي تحول بالتخمر عن طبيعته.
ولهذا كان a حريصا على ألا تشدد هذه الأمة على نفسها، فيشدد الله عليها، ولهذا
نهى عن الوصال، وهو أن يصل يوماً بيوم آخر ولا يأكل بينهما شيئاً، وعندما تشددوا،
ولم ينتهو عن الوصال واصل بهم النبي a يومين وليلتين رعاية
لما اشتدوا به على أنفسهم، ثم رأوا الهلال فقال:( لو تأخر الهلال لزدتكم) كالمنكل
لهم [2].
وقريب من هذا ما روي أن
رسول اللّه a، خطب فقال: ( أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا)، فقال رجل: أكل
عام يا رسول اللّه؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول اللّه