ولذلك، فإن كل ما
استدللنا به سابقا على احتمالية هذا النوع من المقادير يمكن الاستدلال به هنا.
وقد بينت النصوص
الكثيرة المواقيت المحددة لهذه المقادير، وقد أثار ذلك إشكالات كثيرة، ولكن القول
بانقسام الكتب إلى ما ذكرنا من الأنواع يزيل الإشكال.
ونحب هنا ـ قبل أن نبين
ما دلت عليه النصوص من أوقات المقادير ـ أن نخاطب العقل المعاصر بما يعلمه من
قوانين المادة ليعبر منها إلى قوانين الكون ومقاديره.
ونستفيد هذا الخطاب
التشبيهي التقريبي البديع من بديع الزمان النورسي، الذي يستدل بكتابات الكون على
كتابات المقادير، فيقول:( نعم، إن كتابات كتاب الكائنات المنظومة وموزونات آياتها
تشهد على أن كل شئ مكتوب)[1]
ثم استدل على أن كل شئ
مكتوب ومقدّر قبل وجوده وكونه بجميع المبادىء والبذور وجميع المقادير والصور.
فما البذور الاّ صناديق
لطيفة أبدعها الله تعالى، وأودع فيها القدر فهيرس رسمه، وتبني القدرة ـ حسب هندسة
القدر ـ معجزاتها العظيمة على تلك البذيرات، مستخدمة الذرات، أي أن كل ما سيجري
على الشجرة من أمور مع جميع وقائعها، في حكم المكتوب في بذرتها، لأن البذور بسيطة
ومتشابهة مادةً، فلا اختلاف بينها.
ثم ان المقدار المنظم
لكل شئ يبين القدر بوضوح، فلو دقق النظر الى كائن حي لتبين أن له شكلاً ومقداراً،
كأنه قد خرج من قالب في غاية الحكمة والاتقان، بحيث أن اتخاذ ذلك المقدار والشكل
والصورة، اما انه يتأتى من وجود قالب مادي خارق في منتهى الانثناءات والانحناءات..
أو أن القدرة الإلهية تفصّل تلك الصورة وذلك الشكل وتُلبسها الشجرة بقالب
[1] انظر: الكلمات، الكلمة السادسة والعشرون، رسالة
القدر، لبديع الزمان النورسي.